العرب والتعامل مع الوقت

ت + ت - الحجم الطبيعي

خطر في بالي هذا التساؤل: هل يحترم العرب الوقت ويجيدون استغلاله والتعامل معه؟

نعلم أن الحياة هي سلسلة من الأحداث والمواقف التي تتعاقب مع مرور الزمن.

وفهمنا للوقت في الثقافة العربية يرتبط بمفهومنا للزمن الذي بالنسبة لنا سرمدي يرتبط بالمطلق، حيث بداياته تبدأ من نقطة، تبدأ بالنسبة لنا من خلق الإنسان وتنتهي بالمجهول يوم البعث العظيم. هل هذا المفهوم له تأثير على حياتنا اليومية في التعامل مع الوقت؟

الوقت في الحياة المعاصرة، ليس مجرد نقطة فاصلة في حياة الإنسان تميز الماضي عن الحاضر والمستقبل، بل الوقت هو علاقة الإنسان بلحظة كينونته وعمله وحياته اليومية، هل لدينا مشكلة في التعامل مع الوقت؟

يخطر على البال دوماً أن الالتزام بالوقت في إنجاز العمل والوفاء بالمواعيد في ممارسة الحياة العربية يشكل مشكلة حقيقية.

نحن نتعامل مع الوقت مع فكرة «هو العالم رح يطير» «ولماذا أنت مستعجل» ونرمي عدم التزامنا على إرادة الله دوماً، حيث «إن شاء الله» ومواعيدنا بطريقة لا تعرف التحديد «نلتقي بعد الصلاة» أو نلتقي ما بين «الثالثة والرابعة».

هذه الملاحظات عن استخدامنا للوقت تذكرني بملاحظة لرجل أعمال غربي لخصها عن تعاملنا مع الزمن بما أسماه بمرض (IBM) في الحياة العربية ولخصها بـ«إن شاء الله، وبكرة، ومعلهش». وهذا من خلال معاناته هو وغيره في التعامل مع موظفي الدوائر العرب وعدم جزمهم في استخدام وقت محدد.

والوقت بالنسبة للإنسان مهم في العمل والحياة الاجتماعية وحياة الأفراد أنفسهم. في العمل كلنا نعترف بأهمية الالتزام بالوقت لإنجاز الأعمال وما يمكن أن يسببه إهدار الوقت من خسائر فادحة منظورة أو غير منظورة حينما لا نلتزم بالعمل، في الدوائر الحكومية يمكن أن يكون الموظف قادراً على إنجاز خدمة المواطن في نفس اللحظة التي يتواجد فيها.

ولكنه يطالبه بالانتظار أو يطلب منه أن يأتي في اليوم التالي. في القطاع الخاص والإنتاجي عموماً يمكن أن يؤدي عدم الإنجاز في العمل في موعده إلى خسائر مادية كبيرة في ظل تنافس الشركات على أداء خدمات زبائنها.

والوقت في حياتنا الاجتماعية يكتسب مرونة تدعو إلى الضحك، فالوقت قد يضيع بين أيدينا ونحن لا نلتزم بالمواعيد بين الأصدقاء والأهل، وقد يضيع أيضاً ونحن نقضي الوقت في أمور لا فائدة منها.

ومع التكنولوجيا اليوم باتت اللقاءات الاجتماعية مظهراً أكثر من واقع تفاعلي بين المجتمعين من الأصدقاء أو الأهل، لقد أصبحت اللقاءات ليست للتفاعل الاجتماعي بل هي هدر للوقت، حيث نرى كل واحد مشغولاً بهاتفه لإرسال الرسائل، أو تصفح المواقع الاجتماعية، أو حتى القيام بالألعاب الإلكترونية.

وإذا انتقلنا إلى المستوى الفردي، فنحن نتساءل: هل نجيد استخدام الوقت الممنوح لنا في أوقات الفراغ؟

هل يمكننا النظر إلى أن الوقت الذي لدينا هو فرصة للعيش لحظات ذات معنى وذات هدف.

لقد تم تخصيص هذا العام في الإمارات ليكون عام القراءة، وكم من الأفراد الذين استجابوا لهذه الفكرة العظيمة، وجعلوا من فراغ أوقاتهم، لحظات قراءة تثري الفكر، وتعزز الشخصية.

هذه الفكرة ليتها تطبق في جميع أنحاء الوطن العربي، وليتها تصبح أعواماً للقراءة بدلاً من عام واحد، لعل أجيالاً جديدة تعيش مع القراءة، وتكون أكثر وعياً والتزاماً واستفادة من الوقت المهدور.

 

Email