رمضان والخوارج والطائفيون

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهر رمضان الكريم من الشهور المميزة في التاريخ الإسلامي، وهو شهر العبادات المكثفة، وهو شهر ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر عند المسلمين، فنجد المساجد المعمورة وصلاة التراويح وشد المئزر بالنسبة للمسلمين، وشهر التبرعات وشهر الخير والبركات، وتتميز دول الخليج العربي بتكثيف نشاطها الخيري والتبرعي على مستوى الدول والأفراد، ونجد الروحانية في هذا الشهر الفضيل ترتفع إلى أعلى مستوياتها عملاً بتعاليم القرآن الكريم والدين الإسلامي.

وقد شهد التاريخ الإسلامي العديد من الفتوحات والمعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، فموقعة بدر الكبرى في 17 من شهر رمضان في السنة 2 للهجرة من المعارك الفاصلة في ترسيخ الدولة الإسلامية التي أسسها رسولنا الكريم ومازلنا نعيش بتعاليمها مع أكثر من مليار وأربعمئة مليون مسلم يعيشون في هذا الكوكب، ومن أبرز المعارك الرمضانية هي فتح مكة وفتح عمورية وفتح أنطاكية، ومعركة عين جالوت التي كسرت بها جيوش المسلمين من مصر الغزو المغولي المتمدد في عام 658 هجري، ولكن الأمة الإسلامية ابتليت بالعديد من المنظمات الإرهابية والطائفية من الخوارج أو من المجموعات المتطرفة التي تستخدم نصوص القرآن الكريم في غير محلها لشرعنة قتل المسلمين وغيرهم والقيام بعمليات السبي والنهب والسلب تحت مسميات إسلامية بكلمات حق في غير موضعها ويقصد بها الباطل، لقد شوهت هذه المجموعات من الخوارج ومن الجماعات التكفيرية والجماعات الطائفية المؤدلجة التاريخ الإسلامي والعالم الإسلامي حالياً فتشوهت صورة الإسلام والمسلمين أمام أنظار أكثر من ستة مليارات ساكن في هذا الكوكب واستخدم الإعلام المعادي للقضايا العربية والإسلامية مجازر هؤلاء المجرمين لتشويه قضايانا العادلة والتاريخية كالقضية الفلسطينية وبيت المقدس، ويعاني العالم الإسلامي والمسلمون والعرب والشرق الأوسط من تداعيات هذه الجماعات الإرهابية في السلوك المعادي للمسلمين في أوروبا وأميركا والعديد من دول العالم.

يقوم مسلك هذه الجماعات الإرهابية الى توظيف العمليات وتنفيذها وربطها ببعض الصفحات المشرقة في التاريخ الرمضاني الإسلامي، فمن التواريخ الجاذبة للجماعات الإرهابية في شهر رمضان هو ليلة السابع عشر من رمضان والعشر الأواخر من شهر رمضان.

بالإضافة إلى ربط تاريخ الغزوات الإسلامية ببعض العمليات الإرهابية التي تم تنفيذها في السعودية والكويت وتونس وها هو المتحدث لمجموعة داعش الإرهابية أبو محمد العدناني في رسالة صوتية يحث الإرهابيين على تنفيذ عمليات إرهابية في رمضان كالعمليات السابقة مما يتطلب من الدول ومواطنيها الحيطة والحذر، وتلعب التبرعات والزكوات والصدقات مورداً مالياً مهما لدعم الجماعات الإرهابية، ويقوم بعض المساندين لهؤلاء الإرهابيين بحث الناس على التبرعات بعيداً عن رقابة الدولة أو المؤسسات الحكومية المتخصصة ويستخدمون مناسبة شهر رمضان وبعض المساجد النائية وبعض الجاهلين بأمورهم للقيام بعملياتهم المشبوهة، وقد انتبهت دول مجلس التعاون الخليجي والعديد من الدول العربية والإسلامية لهذا المسلك فقامت بالإشراف على هذه التبرعات والتأكد من صرفها للمحتاجين والمستحقين من المسلمين وغيرهم، كما ان شياطين هذه الجماعات تستغل المناسبات والمآسي السياسية والإنسانية في بعض دول الجوار لإيقاد نار الفتنة والطائفية بين فئات المجتمع بقصد بث الفوضى وجمع الأموال والتشكيك بقدرة الدول على حماية إخوانهم، وفي الوقت نفسه نشاهد ما تقوم به بعض ميليشيات الحشد الشعبي الطائفية والمدعومة من نظام ملالي إيران من انتهاكات طائفية بغيضة ضد بعض فئات الشعب العراقى والسوري مما يجعلها مادة إعلامية وخطابية محفزة لبعض دعاة الفتنة لزيادة الشرخ بين أبناء الشعب الواحد والحصول على المكاسب المالية من بعض المتحمسين أو المتعاطفين معهم من دون معرفة نواياهم الخبيثة.

ومن المهم أن تتعاون مؤسسات الدولة والمواطنين والمقيمين لدحر محاولات الإرهاب والإرهابيين خلال هذا الشهر الكريم على وجه الخصوص، فالتوعية الإعلامية بأهداف الإرهابيين لجمع التبرعات، وتحديد القوانين المنظمة لجمع التبرعات والصدقات مطلب ضروري، بالإضافة الى توعية أئمة المساجد ورجال الدين بمنع التبرعات خارج الأطر القانونية أو خارج تعليمات الدولة، كما على الدعاة ورجال الدين الدعاء لأولي الأمر وتحبيب الناس بهم وإظهار مناقبهم ودورهم في حفظ الأرواح والأموال وصيانة أمن واستقرار الدولة، كما على الدعاة وخطاب المساجد أن يحمسوا الشباب للعمل التطوعي لصالح بلدانهم بدلاً من الأحزاب السياسية وجماعات التكفير السياسي أو جماعات المصالح الانتخابية، وعليهم توعية الشباب بالمحافظة على أوطانهم والحث على السلوك الإسلامي والإنساني المشرف والذي يهدف لخدمة البلاد والعباد، وعلى أئمة المساجد إبراز الوجه المشرق لبلادهم وإبراز جهودها الخيرية للمسلمين عامة.

ويبقى المواطن والمقيم حجر الزاوية في الأمن والاستقرار في أوطانهم فعلى الجميع التعاون لدحر الإرهاب أو من يدعمه، وعلى الشباب الإبلاغ عن الإرهابيين والمتطرفين والطائفيين لحماية مكتسباتهم الوطنية وصيانة وحدتهم الوطنية، وعلى الشباب وهم ذخيرة الأمة بأن يتجهوا إلى الأعمال التطوعية التي تخدم دينهم وبلادهم وتحميهم من الوقوع في براثن الإرهاب والتشكيك.

والله ولي التوفيق

Email