الإمارات والريادة في المبادرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن حملة «أمة تقرأ» والتي أمر بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مفاجئة في وطن مثل الإمارات، اعتاد فيه المواطنون والمقيمون، بل والعالم بأسره على تلقي مثل هذه الأخبار بشكل مثير للإعجاب والتقدير.

أذكر هنا ما كتبه الصديق أحمد الجار الله بالسياسة الكويتية في مقاله الرائع والمثير «محمد بن راشد.. خفف الوطء حتى نستطيع اللحاق بك» في العاشر من فبراير الماضي، وملخصه - من كاتب معجب ومحب - أن سموه في سباقه نحو التميز والتطوير والإنجاز، فاق كل التوقعات، دون الالتفات إلى التحديات التي يقتنصها ويحولها فرصاً مذهلة نحو مزيد من النجاح والإنجاز، قد أجهد من يتتبعون طريقه، ومن يرومون نجاحه، أو «أجهد من يأتي بعده» كما يقول المثل العربي القديم.

تأتي حملة رمضان هذا العام بعنوان «أمة تقرأ» كمبادرة إنسانية ومعرفية بامتياز، ففي تفاصيل خبر الحملة أرقام تهدف بشكل أساسي إلى توفير خمسة ملايين كتاب، تقدمها الإمارات إلى العالم نوراً ووعياً مستنيراً، وبشكل خاص إلى الطلاب المحتاجين في مخيمات اللاجئين. فالعلم وحده الذي يغيّر العالم، هكذا فهم المستنيرون عبر التاريخ، وتفهم قيادتنا الرشيدة.

تسعى المبادرة أيضاً، بالإضافة لما سبق، إلى إنشاء 2000 مكتبة حول العالم الإسلامي. وكذلك دعم البرامج التعليمية للمؤسسات الإنسانية الإماراتية في الخارج. وجاءت هذه الحملة لتصبح عالمية بعد إقرار عام 2016 عاماً للقراءة في الدولة، وذلك إيماناً من دولة الإمارات بضرورة نشر العلم والمعرفة خارجها. هكذا دوماً الإمارات، شعلة خير تضيء ظلمات الجهل والتخلف، وهي في الوقت نفسه، تدرك بأن أفضل وسيلة للتغلب على الفقر، هي توفير فرص التعليم ومنح أسباب المعرفة وأدواتها للطلبة المحتاجين في أرجاء العالم.

هكذا انطلقت حملة «دبي العطاء» عام 2007، والتي أصبحت فيما بعد مؤسسة مستقلة، وكانت تهدف في بدايتها إلى توفير فرص التعليم الأساسي للملايين من الأطفال في الدول الفقيرة، ليتجاوز ذلك العدد ويصل لنحو 14 مليون مستفيد، إضافة إلى بناء المدارس والمكتبات وتدريب المعلمين.

بخلاف المبادرات المستمرة التي تتبناها دولة الإمارات على مدار السنة، فإن شهر رمضان من كل عام، هو مناسبة لإطلاق المبادرات التي تتلمس حاجات الإنسان الأساسية من غذاء وتعليم وصحة. منذ عامين، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مبادرة «سقيا الإمارات» والتي تحولت إلى مؤسسة معنية لتوفير مياه صالحة للشرب لأكثر من خمسة ملايين شخص حول العالم. ولاقت الحملة إقبالاً كبيراً، وحققت نجاحاً ملحوظاً، وتجاوزت أهدافها بجمع أكثر من 180 مليون درهم، ما يكفي لتوفير المياه لأكثر من 7 ملايين شخص حول العالم.

كما سبق أن انطلقت من دولة الإمارات حملة «نور دبي» لمعالجة العمى وأمراض العيون، وقد تجاوز عدد المستفيدين منها خلال السنوات الخمس الماضية 23 مليوناً في مختلف أنحاء العالم. ولعل أبرز مشاريع نور دبي ما بدأته قبل ثلاث سنوات في أمهارا بأثيوبيا لدعم الصحة العامة، والقضاء على مرض التراخوما. ومن المتوقع أن يستمر هذا المشروع لأربع سنوات إضافية ويعالج سنوياً نحو 18 مليون مصاب، وبحيث يصل إجمالي عدد المستفيدين نحو 60 مليون شخص بحلول عام 2020.

تكشف وتضيء هذه المبادرات الإنسانية الخيّرة عن ثقافة مجتمعية راسخة، بناها القائد المؤسس الشيخ زايد طيّب الله ثراه، وسار على نهجها قادتنا الكرام، وَمِمَّا يميّزها، هذه الشراكة الرائعة بين مجتمع الأعمال والمؤسسات الرسمية، محاطة في ذلك برعاية كريمة، وإشراف مباشر من قيادتنا الحكيمة وَمِمَّا يبعث على الفخر أيضاً، أن شخصيات وطنية إماراتية هم الذين يقومون بتنفيذها على أرض الواقع، متسلحين في ذلك بقيم زايد الخير والعطاء وعزيمته الصادقة.

إنها حوامل القوة الناعمة، ولا شك أن تأثير ونتائج هذه المبادرات والمشاريع مذهلة ومبهرة بكل المقاييس، فهي ترتقي بالإنسان من حيث فكره وتعليمه ومعيشته، وكصورة لـ«دولة الخير» وتأكيد لمنهج «زايد الخير» حين تستهدف الإنسان دون النظر إلى عرقه أو جنسه أو دينه.

إنها رسالة سامية تبعثها دولة الإمارات إلى العالم لتنشر من خلالها قيم المحبة والعطاء. ولتؤكد أن القواسم الإنسانية المشتركة أعظم وأكبر من الفروقات التي توجد بين بني البشر.

أدام الله عز الإمارات، وحفظ الله قادتها ذخراً للوطن والإنسانية.

Email