ضرائب على المضاربات المالية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لماذا يقل النقاش بشأن أحد أهم مقترحات فرض الضرائب على المضاربات المالية؟

إن بيع وشراء الأسهم والسندات للتغلب على الآخرين الذين يبيعون الأسهم والسندات بمثابة لعبة هائلة محصلتها صفر، وهي تهدر موارد لا تعد ولا تحصى، وتستهلك أحد أفضل موارد البلاد، وتعرض السوق المالي لمخاطر غير ضرورية.

لا تعمل الشركات التي تستخدم الإنترنت الفائق السرعة التي تستخدم تقنيات متقدمة للحصول على البيانات خلال ثوان معدودة فقط، وذلك قبل أن تحصل عليها شركات أخرى، على جعل السوق المالي أكثر كفاءة. بل تجعله أكثر عرضة للإخفاقات مثل »انهيار سوق الأسهم« في مايو عام 2010.

لا يسهم العاملون في وول ستريت، ممن يتاجرون بالتداول السري غير المتوفر للمستثمرين الصغار، في تحسين إنتاجية الأسواق المالية، إنما يتلاعبون باللعبة لأنفسهم وحسب. أما المصرفيون الذين يتاجرون بالمشتقات المالية الأكثر تعقيداً، ويراهنون على الرهانات العقارية، لا يضيفون قيمة حقيقية للموضوع. فضلاً عن مساهمتهم في تعريض النظام المالي لخسائر كبيرة، كما حدث في الأزمة المالية العالمية عام 2008.

لذلك، فإن جميع ما سبق ذكره يجعل من المقترح المتعلق بالضرائب المفروضة ملائماً للسوق. إذ يعني أن يجري تداول أسهم الضرائب بنسبة 0.5%، (من شأن التجارة بنحو ألف دولار أن تكلف نحو 5 دولارات)، وأن يصل تداول السندات إلى 0.1 في المئة.

قد تقلل الضرائب الحوافز المفروضة على التداول السريع، وعلى التجارة والصفقات الداخلية، والرهان المالية على المدى القصير. (كما تفضل هيلاري كلينتون ضرائب التحويلات المالية، ولكن على التجارة السريعة فقط).

كما توجد فائدة أخرى كبيرة، فبالنظر إلى حجم السوق المالي الهائل، وضخامة حجم التداول الذي يحدث كل يوم، فإن من شأن تلك الضريبة الصغيرة إيجاد الكثير من العوائد. فوفقاً لمركز السياسات الضريبية غير الحزبي، قد يدر ما نسبته 0.01% من الضرائب المفروضة على المعاملات ربحاً يصل إلى نحو 185 مليار دولار على مدى عشر سنوات.

ولذلك يمكن أن تمول الضرائب التي تصل إلى نحو 0.5%، الاستثمارات العامة التي تزيد من حجم الحصة الاقتصادية، بدلاً من مجرد إعادة ترتيب أولوياتها، كالتعليم العام دون رسوم دراسية.

وعلاوة على ذلك، فإن الأميركيين يدفعون ضرائب مبيعات على كل أنواع البضائع والخدمات، برغم أن تجار وول ستريت لا يدفعون أي ضرائب مبيعات على الأسهم والسندات التي يشترونها. ويساعد هذا في توضيح سبب توليد القطاع المالي نحو 30% من أرباح الشركات المالية في البلاد، مع دفع نحو 18% من الضرائب المفروضة على الشركات فقط.

ويحذر المشككون الذين تقودهم جماعات ضغط القطاع المالي (المائدة المستديرة للخدمات المالية واتحاد الأسواق المالية)، من أن فرض ضريبة تجارية صغيرة على المعاملات المالية يمكن أن يدفع بالتجارة عبر البحار قدماً، وذلك بالنظر إلى أن تحقيق الصفقات المالية يمكن أن يتم بسهولة، في كل مكان. وذلك هراء، فقد فرضت بريطانيا ضرائب على تداول الأسهم لعقود عدة، ومع ذلك تظل واحدة من أكبر القوى المالية في العالم.

وبالمناسبة تدر تلك الضريبة نحو ثلاث مليارات جنيه استرليني، سنوياً، أي ما يعادل (30 مليار دولار لاقتصاد بحجم اقتصاد الولايات المتحدة). ويعتبر ذلك كسباً صافياً بالنسبة للميزانية البريطانية. وهناك عدد من الدول الأوروبية التي تمتلك مثل هذه الضريبة، والاتحاد الأوروبي ماض على الطريق لتنفيذ أحد هذه الأمور.

وتدّعي جماعات الضغط الصناعية أن التكاليف الضريبية ستعوق المستثمرين الصغار، مثل المتقاعدين، ورجال الأعمال، والمدخرين العاديين. وذلك أمر خاطئ مجدداً. إذ لن تكون الضرائب عبئاً في حال قللت من حجم وتواتر التداول، وهنا يكمن بيت القصيد.

لقد سئم الأميركيون من ألعاب وول ستريت المالية. وساهمت المضاربات المفرطة في الأزمة المالية عام 2008 التي كبدت ملايين الناس مدخراتهم ومنازلهم. وبالتالي لماذا لا يسهم السياسيون من جميع المشارب في تأييد مشروع فرض هذه الضرائب؟ ولماذا لا تعتبر هذه قضية رئيسية في انتخابات عام 2016؟

لأن فرض الضريبة على المعاملات يهدد مصدر الدخل الرئيسي لوول ستريت. وإذا لم تلاحظوا فإن وول ستريت يستخدم جزءاً من الإيرادات الواسعة لكسب النفوذ السياسي.

وحتى مع أنها تعتبر فكرة مناسبة تناولها الكثير من المرشحين الأساسيين، إلا أن التحويلات المالية لم تناقش في انتخابات هذا العام، لأن وول ستريت لن تتقيد بها.

وهو ما قد يكون أحد الأسباب الرئيسية لسن قانون بشأنها.

 

Email