المشروع العربي قادم

ت + ت - الحجم الطبيعي

للمرة الأولى، وبعد عقود طويلة من اليأس والقطيعة، تبدو في الأفق بوادر مشروع عربي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومعهما دول التحالف التي هبت لإرجاع الشرعية والاستقرار إلى اليمن.

يأتي هذا التفاؤل ودافعه من رؤية عربية مدعومة بمواقف جادة وحقيقية على أرض الواقع، تترجمها الأفعال لا الأقوال، وتجسدها الهمم والقيم، وتبذل له الأنفس والأموال، كما أنها رؤية شابة تأتي من طموح يعرف التحديات والعوائق، ووعي يعرف المشكلات ويدرك طرائق الحل والحزم تجاهها.

لم تصلح مزايدة المرجفين والمشككين وأبواق الانغلاق، على العلاقات البينية بين أركان محور الاعتدال العربي، واحتمال تغيرها من عهد إلى عهد، بعد زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز التي امتدت لمدة خمسة أيام لمصر الشقيقة، في أبريل الجاري، وهي الزيارة الأطول بعد زيارة الملك عبد العزيز رحمه الله سنة 1946 والتي امتدت لاثني عشر يوماً.

كما لم تفلح المزايدات والاستهدافات للعلاقات الخليجية الخليجية يوماً كذلك، وتجاوز الإخوة دائماً الشوائب العابرة ليبقى الصفاء والوعي بالتحدي المشترك.

يبدو في الأفق مشروع عربي جديد، مركزه الخليج العربي، والسعودية والإمارات نواته، ومعهما سائر دوله، ومصر والأردن والمغرب العربي ويمتد نحو العالم الإسلامي.

ولم يكن أدل على نجاعته من نتائج قمة المؤتمر الإسلامي الأخيرة والتي انعقدت في تركيا، والتي جاء بيانها الختامي يدين إيران والجهاديات المتطرفة العنيفة الملتحقة بها والمسماة «أحزاب الله» في خمسة بنود في حضور الرئيس الإيراني حسن روحاني نفسه!

يدرك هذا المشروع العربي القادم، أنه ضرورة في مواجهة أخطر تهديد تواجهه الأمة العربية ممثلاً في المشروع الإيراني البائس، والذي انطلق عام 1979، معلناً العداء للعالم وللنهضة والحداثة والسلام والطوائف، مصراً كما أعلن الخميني في الذكرى الأولى لثورته، على تصدير الثورة والاضطراب لكل أنحاء العالم، فجاءت سياساته التدخلية ورسالته نشر الكراهية والطائفية وبث الفرقة والأحقاد بين بني الوطن الواحد.

ملخص هذا المشروع، كما هو ثابت في دستوره، تصدير الثورة (تحت مسمى نصرة المستضعفين في العالم) من خلال خلق ميليشيات، وإثارة الخلافات المذهبية والنعرات الطائفية وإلغاء الانتماء الوطني

. نظام يؤمن بولاية الفقيه على الدولة، فوق مؤسساتها وبصلاحيات دستورية تتجاوزها وتتجاوز رموزها جميعاً، متجاهلاً وهو يدعي إنقاذ العالم، إنقاذ شعبه - أو شعوبه - من البؤس الذي يعيشه أو تعيشه.

وكانت قلقلته لوحدة الشعوب والأوطان، واستنفاره للنزعات الطائفية وتوظيفه لها، هذا ما حدث في لبنان والعراق، وحاولت إيران فعل الشيء نفسه في البحرين والسعودية وغيرهما، ولكن كانت اليقظة حائط صد أبى اختراقاته ورفض سمومه.

إن المشروع العربي الجديد الذي تقوده السعودية والإمارات مشروع إصلاحي وتعايشي غير صدامي وغير تدخلي على النقيض تماماً من المشروع الإيراني الفاسد. إنه نصرة للاستقرار وليس دعوة للفوضى، هكذا فعلت الإمارات في مصر العروبة من خلال حزمة هائلة من المبادرات والمشاريع التي تسهم في تنمية الوطن والإنسان، وتخلق آلاف فرص العمل، وتشيّد المصانع والمدارس والمستشفيات في إطار شراكة أخوية حقيقية. إدراكاً من الإمارات بأن أمن واستقرار وازدهار مصر هي صمام الأمان للعالم العربي بأسره.

وكذلك فعلت السعودية لحماية المنطقة من الأطماع الإيرانية وتوجت عملها بقيادة عاصفة الحزم وأتبعتها بالأمل، وتسعى إلى إطفاء الحرائق التي أشعلتها إيران في المنطقة العربية وخاصة في سوريا والعراق.

ولعل إنجازها الرائع تمثل في النتائج الطيبة التي حققتها زيارة الملك سلمان التاريخية إلى مصر، والمشاريع التنموية التي أعلنتها إسهاماً منها لدعم مصر وشعبها. هذه رسالة الخير والعطاء التي يحملها المشروع العربي المقبل، وتلك كانت رسالة البؤس والشقاء التي تحملها إيران وتنشرها في العالم.

وشتان لا يستويان ولا يلتقيان.. الخبيث والطيب!

Email