منظومة السعادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقبل العالم بخطى متسارعة على خلق أوجه للتغيير في عالم حضاري يتجدد كل ثانية، حيث تبرز المصطلحات الواحد تلو الآخر لتخلق منظومة من المصطلحات لا تنتهي أبداً، فأهل الاختصاص والتميز غرّدوا دهراً عن رضى المتعاملين، ورضا الموارد البشرية، ورضا الشركاء والموردين ورضا المجتمع، لأنها تمثل محاور التميز في معايير الجودة العالمية.. فالرضا اليوم أضحى من مفردات الماضي، لتأتي بدلاً منه السعادة كمصطلح جديد تريده الحكومة الراشدة، وتريده برامج التميز.

فالسعادة اليوم رؤية استراتيجية أو بالأحرى قيمة استراتيجية، وهدف استراتيجي في خطط الحكومات، والمثال البيّن على ذلك خطة حكومة دبي الاستراتيجية 2021م، فالحكومة تريد أن يكون الإنسان على أرضها سعيداً سواء كان مواطناً أو مقيماً أو زائراً أو متعاملاً أو موظفاً، والأخير أي الموظف فنحن بصدده، لأنه محور الخدمات التي تقّدم لكافة المعنيين.

فالموظف السعيد يقدّم خدمات متميزة لطالبيه وتحديداً المتعاملين، لأن العمل الحكومي أصبح اليوم ميداناً للإبداع والابتكار والريادة، وأصبح الموظف مرتبطاً بوظيفته لأنها تشعره بالسعادة، وهذا ما تسعى إليه الحكومة الراشدة، لأن السعادة هي الدافع على الإنتاجية والإجادة والتفرد، وهذا بالتحديد ما يعكسه «الميثاق الوطني للسعادة والإيجابية»، والذي ينص على التزام الحكومة بتهيئة البيئة المناسبة لسعادة الفرد والأسرة والمجتمع، وترسيخ الإيجابية كقيمة أساسية.. هذا الميثاق بالمبادرات التي احتواها جعل من السعادة عاملاً إيجابياً وأسلوب حياة والتزاماً حكومياً وروحاً حقيقية توحد مجتمع الإمارات.

وقد أشارت إحدى الدراسات إلى أن الشركات التي يرتبط فيها موظفوها بها أكثر إنتاجية بنسبة (43%) من الشركات الأخرى، لذا كان جديراً بالدوائر والمؤسسات المحلية أن تعدّ استراتيجيات للسعادة، وخلق مبادرات استراتيجية لها تقوم على الاستدامة دون انقطاع، لأن سعادة الموظفين هي الأساس لخلق بيئة سعيدة للمجتمع، لأن الرابطة بين الموظفين وبقية فئات المجتمع رابطة قوية مبنية على العلاقات الإنسانية والمشاعر والتواصل الحضاري.

ونحن اليوم أمام حكومة رائدة ترى في الوظائف العامة محطات للسعادة، فلدينا وزيرة للسعادة ومبادرات للسعادة أو (100) يوم للسعادة برعاية ومباركة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي يريد أن يقدم للأمم والبشرية نماذج وممارسات كبيرة يمكن أن نقارن بها عالمياً، بحيث تكون دولة الإمارات العربية المتحدة رقماً صعباً في مجال التميز وفي كل جوانب وتفاصيل وعمليات الحياة والإنسان معاً، وهذا بيت القصيد الأول.

لقد اعتمد مجلس الوزراء الميثاق الوطني للسعادة والإيجابية، والذي ينص على التزام حكومة دولة الإمارات من خلال سياستها العليا وخططها ومشاريع وخدمات جميع الجهات الحكومية على تهيئة البيئة المناسبة لسعادة الفرد والأسرة والمجتمع، وترسيخ الإيجابية كقيمة أساسية فيهم، ما يمكنهم من تحقيق ذواتهم وأحلامهم وطموحاتهم.

كما اعتمد مجلس الوزراء مجموعة من المبادرات والمشاريع ضمن البرنامج الوطني للسعادة والإيجابية الذي عرضته معالي عهود بنت خلفان الرومي، وزيرة الدولة للسعادة، سياسات وبرامج وخدمات لموظفي الحكومة لخلق بيئة العمل الحكومية الأسعد عالمياً، ويتضمن البرنامج رئيساً تنفيذياً للسعادة والإيجابية في كل الجهات، وإنشاء مجالس للسعادة والإيجابية في الجهات الاتحادية وتخصيص ساعات لبرامج وأنشطة السعادة في الحكومة الاتحادية، وإنشاء مكاتب للإيجابية والسعادة.

استطاعت دولة الإمارات أن تحقق لشعبها والمقيمين على أرضها أعلى مستويات المعيشة والأمن والاستقرار، وهي قادرة على أن تنطلق من مثالية مفهوم السعادة إلى واقع المجتمع السعيد.

الكثير من الشعوب تتعامل مع السعادة وكأنها شيء مثالي بعيد عن الواقع والحياة المادية التي يعيشها الناس. ولهذا قابل الكثيرون قرار استحداث دولة الإمارات وزارة للسعادة بشيء من الدهشة والاستغراب، وهو رد فعل طبيعي في ظل الظروف التي تعيشها دول وشعوب المنطقة التي بات واقعها المؤلم أبعد ما يكون عن السعادة.

وفي إطار البرنامج الوطني للسعادة والإيجابية الذي اعتمده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، هناك ثلاثة مجالات رئيسية هي تضمين السعادة والإيجابية في سياسات وبرامج وخدمات كل الجهات الحكومية، وبيئة العمل فيها، وترسيخ قيم الإيجابية والسعادة كأسلوب حياة وتطوير مقاييس وأدوات لقياس السعادة في مجتمع الإمارات.

Email