جناية الولايتين.. الولي الفقيه والمرشد!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل ولاية الفقيه وولاية المرشد ينتفي الولاء للوطن، ويتلاشى الانتماء الإنساني وقيمه السامية المشتركة، هذا ملخص حكاية الإسلام السياسي بنسختيه السنية والشيعية للحكم والدولة، فالمرجعية في الولايتين والقول الفصل فيهما هما للمرشد الولي الفقيه أو المرشد أمير الجماعة، أو من ينوب عنهما، هذا وفق قوانين البيعة المعروفة.

الولاء للوطن يجب ألا يعارضه ولاء آخر لطائفة أو لجماعة أو تنظيم، والخطورة أن جماعة الإخوان وجماعات المرشد يكون ولاؤها الحقيقي وإيمانها العميق وطاعتها المطلقة فقط لمرشد الجماعة أو أميرها أو الخليفة أو مرشد الثورة على الوطن والمواطنة.

إنهما المرجعية والمنطلق في كل ذلك، يحركهم الفهم المسيس والتأويل المنحرف للنصوص الدينية ولي أعناقها لتتواءم مع فكر تلك الجماعات. تفرع عن ذلك مفاهيم مثل الحاكمية عند الإخوان المسلمين والإمام المعصوم عند المؤمنين بولاية الفقيه.

يكون الإيمان بتقديسه وتدنيس غيره، فهذه الأيديولوجية لا ترى الخير إلا في حزبه أو جماعته. وترى الشر كله في المغاير أو المخالف. لا تستطيع التعايش مع الآخر أو التسامح معه إلا إذا آمن به أو ذاب فيه.

منذ زوال نظام الشاه عام 1979 وحكم ولاية الفقيه في إيران، ترجم ذلك الحكم هذا الفكر في دستور عنصري إقصائي بغيض، حسب التقارير الدولية هو الأكثر معدلا للإعدام في العالم، ويقر العالم أجمع وليس الخليج فقط بنمطه التوسعي والتدخلي، منذ أن رسخ الخميني عقب الثورة لمبدأ تصدير الثورة، باعتباره الوسيلة لنصرة المستضعفين في كل بقاع الأرض!

وفي سبيل ذلك كونت الميليشيات والأحزاب الطائفية في الدول المستهدفة، وما أكثرها! وأنشأت ما يسمى بحزب الله في لبنان والبحرين والكويت والسعودية وأنصار الله في اليمن، وفي غيرها، بينما كانت تصدر لأبناء الأوطان الكراهية والتمييز وتقديس أيدولوجية وعقيدة الولي الفقيه وواجب سمعه وطاعته، كانت أموال الحرس الثوري تستثمر في غسيل المخدرات وتجارة السلاح في دول أميركا اللاتينية وغيرها كما كشفت تقارير دولية مؤخرا.

الملاحظ أن كلا الجماعتين، جماعة المرشد الإخوانية، وجماعة الفقيه الإيرانية ما دخلت مكانا أو وطنا إلا أعاقت نهضته وميزت بين أبناء شعبه، وقسمته طوائف واتجاهات، ولم تبال متى ما أتيحت لها الفرص، بعد أن تتحول لتنظيم مسلح، من استخدام العنف ضد الدولة وضد معارضيها.

هكذا كان السيناريو في لبنان وكذلك العراق بعد سقوط حكم صدام حسين، حيث حكمتها إيران وحلفاؤها، وأدت سياسات المالكي الطائفية في النهاية لصحوة القاعدة في العراق وولادة داعش منها!

الشواهد على المآسي التي أحدثتها إيران في المنطقة أكثر من أن تحصى. في المقابل، وفي النسخة السنية للإسلام السياسي، والمتمثلة في الإخوان المسلمين وما تفرخ عنها من جماعات متشددة ومنظمات إرهابية تُمارس المبدأ نفسه.

حيث أنشأت جمعيات ومراكز تحت مسميات مضللة لبث الفكر الإخواني وتفكيك الدولة الوطنية واختراق مؤسساتها. حدث ذلك في العديد من الدول العربية. وقد استشعرت دول الخليج العربي الخطر الحقيقي الذي تمثله جماعات الإسلام السياسي على كيانها واستقرارها فأصدرت تشريعات تجرم المنتسبين إليها وتحظر أنشطتها. ك

ما كانت الإمارات - وكعادتها دائماً - سباقة للتنبه لهذا الخطر المهدد لكيان الوطن واستقراره وإنجازاته، فبدأت منذ تسعينيات القرن الماضي بمحاصرة هذا الفكر الشاذ والخارجي الذي يفصل بين المنتمي إليه وبين وطنه ومواطنيه، فتمت مواجهته، وتطهير مؤسسات الدولة التعليمية والدينية المخترقة من هذا الفكر وتنظيمه، وهي الجهود التي توجت في نوفمبر عام 2014 بإدراج كافة تلك المنظمات والأحزاب والجمعيات إلى قائمة التنظيمات الإرهابية وبلغ عددها 83 تنظيما.

حفظ الله الإمارات والخليج العربي من كل سوء وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار.

Email