رسالة إلى الشيخ محمد بن راشد.. مع تحية إجلال

ت + ت - الحجم الطبيعي

قرأت مقالك الجميل، وزارة للسعادة والتسامح والمستقبل.. لماذا؟!

لقد فعلت يا شيخنا الجليل حسناً عندما أوضحت في هذا المقال، ما الغرض من إنشاء هذه الوزارات، وماذا ترمون إليه.. وبالفعل كانت الناس تتساءل عن المقصود من وجود وزارات بهذه المسميات غير الشائعة لدى الآخرين أو في أماكن أخرى أو أنها من الندرة بمكان في المسميات.

ولكن الذي يتابع نشاطك الذهني الذي دأب على ابتداع كل جديد، وفي كل يوم، ومنذ أمد بعيد، لا يفاجأ ولا يؤخذ على حين غرة، لأنه يعرف أن إعمال الفكر عندك لا يهدأ ولا تتباطأ خطاه في أي وقت، فالفكر النيّر والذهن المتوقد ليسا بشيئين طارئين عندك أيها القائد، فأنت تخوض معمعة الأفكار ذات الأبعاد المتناهية، وأنت مازلت على أبواب العشرينيات من عمرك المديد، وفي مقتبل الصبا، ألم تُسمعنا حينها هذه الكلمات المدوية من الشعر:

«نفســي تحب صعودهــا عن حدرهـــا

واصــارع أفكــــار بعيـــــد مداهــــا»

وعندما قرأت لك حينئذ هذا الشعر، تساءلت، ما هي هذه الأفكار ذات الأبعاد البعيدة؟! إن نفس السؤال يثار اليوم عند غير المتعمق في كنه شخصيتك الفذة، بعد قرابة أربعة عقود مرت، حدثت خلالها منجزات وقفزات تنموية، كنتَ يا النوخذا النبيه (الدينمو) المحرك لآليات هذه المنجزات والقفزات.. لقد حاولت الأزمات والشدائد وافتعال الإخفاقات من قبل الحساد أن تضع في درب سيرك عائقاً هنا ومطباً هناك، ولكنك، أنت محمد بن راشد، لا توهن منك عزيمة وتجابه الملمات بالتحدي، وإذا وقفت على مفترق طريقين، سهل وصعب، فإنك تختار الصعب الذي يمرنك على وطء الشدائد من الأمور، أو الأرض الوعرة كما تخبرنا به في شعرك:

ســود الّليـالـي مَـــعَ صَـلْـفَـاتْ الايّـامــي

نــاخــذ مـجـادمـهــا ونــتـــرك تـوالـيـهــا

نمشـي علـى دَربْ مـا تـوطـاه الاقـدامـي

وِانْ وِعْـرِتْ الأرض يعجبنـي المشــي فيها

من أحسن ما تتمتع به من خصال حميدة، أيها الرجل الخيّر، أنك إنسان، تحيط بك هذه الخصال الحميدة ذات البعد الإنساني من كل جانب، وما جاء في مقالك من الملامح الإنسانية لا يصدر إلّا عن رجل دولة قدير عركته التجارب، ولو لم تسمعنا غير هذه الكلمات التي تفيض بالخلق العالي لكان ذلك من أحسن ما سمعناه وما قرأناه..

«لا مستقبل لهذه المنطقة من دون إعمار فكري ترسخ فيه قيم التسامح والتعددية والقبول بالآخر فكرياً وثقافياً وطائفياً ودينياً».

«لا يمكن أن نسمح بالكراهية في دولتنا، أو أن نقبل بأي شكل من أشكال التمييز».

«وظيفة الحكومات تمكين الناس وليس التمكن منهم».

فسرْ أيها المبجل في هذا الطريق، طريق الخير، وعين الله ترعاك..

Email