أسباب عدم كبح روسيا والصين جماح بيونغيانغ

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعلنت حكومة كوريا الشمالية للعالم، أخيراً، أنها أنهت اختباراً ناجحاً لقنبلة هيدروجينية. وهناك شكوك كبيرة حيال ما إذا كانت القنبلة نووية حرارية، فلكي تكون كذلك يجب أن تكون الطاقة المنتجة أكبر كثيراً. وبحسب التقديرات الأولية، فإن ذلك كان على الأغلب تفجيراً نووياً «عادياً»، تم توسيع نطاقه بالتريتيوم أو الديوتيريوم، غير أن هذا التفجير لا يثير الارتياح.

وبغض النظر عن عشرات القنابل النووية أو نحوها التي تزعم بيونغيانغ إنتاجها، فإن الدولة المنبوذة تتباهى بوجود قوة عسكرية تتألف من قوات تقليدية يصل قوامها إلى مليون رجل.

الولايات المتحدة وحلفاؤها في شمالي آسيا وكوريا الجنوبية واليابان، كل هذه الدول فرضت عقوبات ضد النظام العنيد، ولكنها فشلت بشكل ملحوظ في تغيير سلوك بيونغيانغ العدواني. وعلى الرغم من أن كوريا الشمالية معزولة تماماً عن النظام المالي الدولي، إلا أنها تعايشت بشكل أو بآخر مع نظام العقوبات، وتمكنت من تحقيق بعض النمو، خلال السنوات الأخيرة.

وينبع صمود كوريا الشمالية بدرجة كبيرة من علاقتها الاقتصادية مع الصين، التي امتنعت إلى حد كبير حتى الآن عن فرض عقوبات اقتصادية على جارتها، على الرغم من أن بكين غير سعيدة على ما يبدو بقنابل كوريا الشمالية النووية وصواريخها.

ستواصل الصين التساهل مع نظام كوريا الشمالية طالما أن بكين تنظر إلى واشنطن على أنها الخصم الاستراتيجي الرئيس ومصدر التهديد. ويجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار أنه منذ عام 1961 حافظت الصين على معاهدة التحالف مع كوريا الشمالية، ولم تبد أي اعتزام للتخلي عنها.

وتعتبر روسيا لاعباً رئيساً كبيراً آخر، تعاونها مهم في كبح جماح كوريا الشمالية. وأنا أكتب هذه السطور من مدينة فلاديفوستوك الواقعة في أقصى شرقي روسيا، والذين يعيشون في هذه المدينة لا يتعاطفون كثيراً مع كوريا الشمالية.

وقبل أيام فقط من الانفجار النووي انتحر عامل بناء كوري شمالي في فلاديفوستوك بإحراق نفسه. وبحسب ما كتبه الرجل فقد ترك عائلته، التي كانت تتضور جوعاً في كوريا الشمالية، بينما لم يتمكن من توفير المال الكافي لهم، وكان يعمل وافداً في روسيا.

ومن المعروف بشكل جيد أن حكومة كوريا الشمالية تأخذ نحو 50% من مجمل ما يجنيه مثل هذا الرجل في الدول الأجنبية. وحتى في ظل معايير حقوق الإنسان الروسية غير الصارمة، فإن كوريا الشمالية تعتبر دولة بغيضة.

ومع ذلك، فلن تتخذ روسيا أي إجراءات قوية ضد كوريا الشمالية. وعلى غرار بكين، فإن موسكو غاضبة من اختبارات بيونغيانغ النووية، ولكن في الوقت ذاته لا تسعى إلى رؤية الشمال ينضم إلى الجنوب في موالاته لأميركا.

والأكثر من ذلك أن روسيا وكوريا الشمالية تتشاركان حالياً في معاداة الولايات المتحدة، وهو ما يجعلهما حليفين من النوع ذاته. وكوريا الشمالية إحدى الحكومات القليلة التي دعمت موسكو بشأن المسألة الأوكرانية.

بالنظر إلى عدم رغبة الصين وروسيا في الضغط على كوريا الشمالية، فإن واشنطن وحلفاءها لديهم خيار واحد فقط: إشراك بيونغيانغ دبلوماسياً في البحث عن تسوية مقبولة للطرفين. وهذا يعني التخلي عن سياسة «الصبر الاستراتيجي» تجاه كوريا الشمالية، التي الحت على إيجادها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ عام 2009.

للوصول إلى اتفاقية مع كوريا الشمالية فإن الإرادة السياسية والإبداع الدبلوماسي أمران مطلوبان. وبالطبع فإن المشاركة الشخصية المتواصلة من جانب الرئيس الأميركي ستكون ضرورية، وهي الطريقة التي تعامل بها الرئيس الأميركي باراك أوباما وقت التفاوض، بشأن اتفاقية إيران.

ومع ذلك، ومع انشغال الولايات المتحدة في التعامل مع الأزمة المتواصلة في الشرق الأوسط، فإن هناك فرصاً قليلة، لأن تمنح كوريا الشمالية الأولوية القصوى.

Email