البرلمان المصري في الدائرة البللورية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يواجه البرلمان المصري، عديداً من المشكلات الهامة، وسوف يتوقف نجاحه أو إخفاقه في أداء المهام الدستورية المنوطة به في إنتاج التشريعات، وممارسة دوره الرقابي، على مدى قدرته على مواجهة المشكلات المتراكمة التالية:

1- ضعف الثقافة الدستورية والقانونية، في ظل الدولة التعبوية ما بعد ثورة يوليو 1952، وتحول البرلمان إلى مجرد آلة تمرر من خلالها السلطة التنفيذية مشروعات القوانين التي تعدها.

2- إن شرعية البرلمانات وتشكيلاتها المختلفة منذ بدايات ثورة يوليو، حتي البرلمان الانتقالي ما بعد 25 يناير 2011، ظلت دائماً موضعاً للشكوك العميقة، وذلك لشيوع ظاهرة تزوير الإرادة العامة للجماعة الناخبة، من خلال آليات التزوير المتعددة للانتخابات، لصالح مرشحي الحزب السياسي الحاكم، أو في تزوير الاستفتاءات العامة. من ناحية ثانية:

هيمنة ظاهرة العزوف السياسي عن المشاركة في الانتخابات العامة والاستفتاءات، كنتاج لفقدان ثقة الجماعة الناخبة في صدقية العمليات الانتخابية، وفي مدى تعبير البرلمانات عن اختياراتهم ومصالحهم.

من ناحية ثالثة: تفاقم ظاهرة الرشى الانتخابية. من ناحية رابعة: هيمنة التسلطية السياسية، وموت السياسة، على نحو جعل البرلمانات محض أدوات للنخبة الحاكمة، تحركها كما تشاء، خامسة: سطوة أبنية القوة التقليدية، القبائل والعائلات الكبيرة في الأرياف، ومساهمتها في ظاهرة التزوير الجماعي لأصوات الناخبين. من ناحية سادسة: ميل أعضاء البرلمان، الأمة والشعب والنواب، إلى تحقيق مصالحهم الخاصة، أو بعض أبناء دوائرهم المؤثرين انتخابياً.

من ناحية سابعة: تداخل أجهزة الدولة الأمنية وغيرها في التأثير في توجهات البرلمان، والكتل التي تنتمي بولائها لها، وللنظام الحاكم ونخبته المسيطرة. 3- تراجع مستويات الصناعة التشريعية، من حيث الصياغة الفنية، والإحاطة بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وهو أمر يعود إلى تدهور مستويات التعليم القانوني والاجتماعي في كليات الحقوق، والشريعة والقانون.

4- ضعف المستويات التكوينية والثقافية والقانونية لأعضاء التشكيلات البرلمانية، على اختلافها. لا شك أن تدهور نوعية العضوية، يؤدي إلى سطوة الحكم على أعضاء الأغلبية السلطوية، وتوجيهها الوجهة التي ترضاها لمصالحها التشريعية والسياسية.

5- فقر الملكات اللغوية القانونية والسياسية لدى غالبية أعضاء البرلمانات، والاستثناءات محدودة، وهو ما يبدو في هزال الخطاب البرلماني التشريعي والرقابي، وضعف الأداء أثناء مناقشة مشروعات القوانين، أو تقديم الأسئلة، وطلبات الإحاطة والاستجوابات.

6- غياب رؤية حول فلسفة القوانين عموماً، وسياسة تشريعية، سواء لدى البرلمانات أو السلطة التنفيذية، لسيطرة البيروقراطية التشريعية على عمل الحكومات ورؤساء الجمهوريات.

7- هيمنة النزعة التجريمية والعقابية على عديد القوانين، لتحقيق الردع العام والخاص، في بعض الأمور التي لا تتطلب التجريم والعقاب.

8- البرلمان الحالي انتقالي بامتياز، وذلك بقطع النظر عن مقاطعة الأجيال الشابة وآخرين للانتخابات التي جاءت به، وبروز بعض النزعات الاستعراضية لدى بعض أعضائه، والمستوى الذي ظهر في الجلسة الافتتاحية، ومستوى الخطاب البرلماني الضعيف.

من هنا، يتعين على رئيس البرلمان والوكيلين وأعضاء المكتب واللجان الأساسية، والأحزاب السياسية الممثلة، ومعها الائتلاف الداعم للحكم، اتخاذ مجموعة إجراءات، لتجاوز المشكلات السابقة المتراكمة، والضعف البادي على تشكيل مجلس النواب، وذلك في ما يلي:

1- إعداد أوراق حول أزمات النظام القانوني المصري في مختلف المجالات، ثم تحليل لأزمات السياسة التشريعية المتراكمة، ثم تقدم كافة القوى البرلمانية تصوراتها حول السياسة التشريعية المبتغاة، والقوانين المطلوب إعدادها أو تعديلها، في ضوء أهداف السياسة التشريعية.

2- ضرورة إنشاء منتدى تشريعي مصري عربي، كمنظمة طوعية، يشارك فيها الأحزاب والمستقلون وأعضاء الائتلاف الداعم للحكم، يتم من خلاله الحوار وبناء العلاقات والتحالفات بين البرلمان المصري والمجالس التشريعية العربية، وذلك لتبادل الخبرات القانونية، وتنشيط الدور العربي للبرلمان، من خلال أدوات غير حكومية.

3- تشكيل مجموعات من أهل الخبرة القانونية والاقتصادية والاجتماعية، كخبراء للمجموعات التي يتشكل منها البرلمان.

 

Email