نشهد أنك حكمتنا بالحب

ت + ت - الحجم الطبيعي

«من السهل أن تحكم الناس بالخوف، ولكن قلة نادرة من الزعماء الذين استطاعوا أن يحكموا الناس بالحب».

ليست هذه مجرد مقولة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي نحتفل اليوم بمرور عشر سنوات على توليه مقاليد الحكم في إمارة دبي، ورئاسته للحكومة الاتحادية، وإنما هو أسلوب حكم وعمل وحياة، وحكمة القليل من الحكام يدركونها ويعملون بها..

ومن هذه القلة زعماء دولة الإمارات العربية المتحدة الذين يحكمون بالحب لا بالخوف، ويملكون قلوب الناس، ويسوسون الأوطان بحكمة. لذلك فإن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، رسخ هذا المبدأ وأكد هذه الحقيقة، حين توجه إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالتهنئة، بمناسبة مرور عشر سنوات على حكمه وحكومته، وشكر سموه لكل ما قدم من أجل دولة الإمارات، ومن أجل أمته العربية والإسلامية، ومن أجل العالم.

وصاحب السمو رئيس الدولة حينما فعل ذلك فإنما فعله من موقع العارف لما قدم سموه من جهد لرفعة هذا الوطن، وما قام به من عمل مخلص ودؤوب لوضع دولة الإمارات على خارطة الدول المتقدمة في كل المجالات، حتى تصدرت خلال سنوات قليلة قائمة الدول الأكثر تطوراً، وغدت تحتل المراكز الأولى في مجالات كثيرة على قوائم التنافسية الدولية، وفقاً للمعايير والمؤشرات العالمية.

ما بين حكم الناس بالخوف وحكمهم بالحب بون شاسع، فالذين حكموا الناس بالخوف خرجوا من قلوب الناس قبل أن يخرجوا من التاريخ ملطخي الصفحات، أما الذين حكموا الناس بالحب فقد ملكوا قلوب الناس وتربعوا عليها قبل أن يتربعوا على كراسي الحكم. وقد أدرك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هذه الحكمة، واستلهمها من مؤسسي دولة الإمارات الأوائل..

فتجسدت منهجاً في حكم سموه، وأسس منهجه في الحكم على إسعاد شعبه، مؤمناً أنه بقدر ما تحقق الحكومة من سعادة لمواطنيها تكون حكومة ناجحة، وذات أثر فعال وإيجابي في تقدم الوطن ورفعته. والسعادة درجة فوق الرضا، لأن الرضا قد يتحقق بالقليل، لكن السعادة لا تتحقق إلا بالكثير من الجهد والإنجاز، وقد كان ما بذله سموه كثيراً، وما حققه لشعب دولة الإمارات كثيراً، يجل عن الحصر.

عشر سنوات من القيادة الحكيمة لحكومة متطورة ليست بالشيء البسيط، فثمة حكام يمضون في الحكم عشرات السنين لا يحققون خلالها إنجازاً واحداً يحسب لهم، بل إنهم يعودون بالبلدان التي يحكمونها خطوات إلى الوراء. هذا هو الفرق بين حكومة رشيدة وحكومة لا تملك من الرشد شيئاً، وقد ضربت حكومة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، المثل والقدوة للحكومات الرشيدة المنجزة..

ولا تزال تفعل، ليس خلال عشر سنوات فقط، وإنما مع مطلع كل يوم تشرق شمسه على دولة الإمارات بإنجاز جديد، وفكرة رائدة تدفع بها إلى الأمام خطوات واسعة، جعلت الجميع يعجزون عن مجاراتها، ناهيك عن اللحاق بها، وألهمت شعوباً كثيرة كيف يكون الحكم الرشيد، وضربت مثلاً في العمل على تحقيق الطموحات، وتحويل أحلام الشعوب إلى حقائق على الأرض، ينعم بها الناس، ويشعرون بأثرها في حياتهم.

«لقد نجحنا لأننا اعتبرنا دائماً أن الغد يوم جديد، وأن ما تحقق في الأمس قد تحقق، وأن التاريخ الذي نكتبه هو ما ننجزه في المستقبل وليس ما أنجزناه في الماضي». هذا هو الفرق بين قيادة تنظر أمامها، وقيادة تنظر خلفها، وقد كان سبب تأخر الكثير من الأمم والشعوب أن قياداتها تنظر خلفها لا أمامها، لذلك ظلت مرتهنة للماضي فقط..

ولم تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، وكان سر نجاح قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن سموه نظر إلى المستقبل ولم يرتهن إلى الماضي، لذلك كانت الإنجازات تتوالى على دولة الإمارات بفضل هذا النوع من القيادة المستنيرة التي لا تتوقف لعدّ إنجازاتها، وإنما تتقدم إلى الأمام، تاركة عملية العدّ لمن يحاول اللحاق بها.

«القائد العظيم يصنع قادة عظماء، ولا يختزل المؤسسة في شخص واحد». هذه حكمة آمن بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وطبقها في إدارته دفة الحكم، فصنع حوله قادة عظماء استلهموا إرادة سموه وعزمه وتصميمه، وانتهجوا حكمته التي غيرت نظريات الحكم التقليدية..

وبدلت الأنماط التي اعتادت الشعوب رؤيتها، فكسر بذلك قالب الحاكم الفرد الذي لا يرى سوى نفسه، ولا يعترف بقرار سوى قراره. لهذا اعتبره الكثيرون نمطاً فريداً في القيادة لا يتكرر كثيراً، ومدرسة متميزة في الحكم نادراً ما نرى لها شبيهاً بين أنظمة الحكم التقليدية التي قرأنا عنها في كتب التاريخ، والتي رأيناها في عصرنا الحاضر.

«شكراً محمد بن راشد» لا نقولها مجاملة ولا نفاقاً ولا تزلفاً، فقد علمتنا يا صاحب السمو أن نقول الحقيقة دون خوف أو وجل. نشهد أنك قد حكمتنا بالحب فأحببناك من القلب، وسوف نبقى نحبك ونحب وطننا، ونحب قادتنا المخلصين الأوفياء الذين حافظوا على المنجز وأضافوا إليه، ونقول لهم «شكراً» والشكر قليل في حقهم. عشر سنوات من الحكم الرشيد ليست إلا سطراً في مسيرة حافلة بالإنجازات العظيمة، فليحفظ الله دولتنا وقادتها الذين يعرفون للفضل أهله ويشكرونهم.

 

Email