الأدب العربي وحماية الهوية القومية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأدب العربي تعبير عن الهوية القومية وموجه لها وحارس أحلامها. وقد يكون من المستحيل أن نجد مناهج عربية مدرسية أو جامعية لا تحتوي على مادة اللغة العربية وآدابها. ويكون من المستغرب جداً كذلك أن لا نجد أعمالاً أدبية معاصرة لنفس الكتاب والمبدعين العرب من مختلف أنحاء الوطن العربي يدرسها الطلبة في المدارس والجامعات.

ورغم أن الكيانات القطرية باتت تعطي حيزا أكبر لكتاب القطر الذي يدرس فيه الطلبة، إلا أن ذلك لم يحل دون أن تكون هناك قواسم مشتركة من النصوص الأدبية التي يدرسونها، فهم يدرسون تاريخ الأدب العربي ابتداء من العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث.

ويحفظون أشعاراً لامرئ القيس والمتنبي وأحمد شوقي وأمل دنقل ومحمود درويش. وتسهم هذه القواسم المشتركة في بلورة الهوية القومية. وليس مطلوباً أن تكون النصوص الإبداعية هتافاً للقومية وللعروبة والوحدة كي تحقق هدف تعزيز الهوية. يكفي أن يعبر الأدب العربي عن الهموم المشتركة والقيم المشتركة والآمال والأحلام المشتركة لهم كي يسهم في صنع الوجدان وتعزيز الهوية العربية وصيانتها. وخصوصا في ظل ما يفرضه الغرب علينا من تحديات تتجاوز الاختلاف إلى مرحلة الصراع أو الصدام الحضاري كما يطرح ذلك هاتنجتون.

وبعد أحداث سبتمبر 2001 التي ضربت مبنى الدفاع الأميركي رمز المنعة العسكرية في واشنطن، وبرجي التجارة في نيويورك رمز السطوة الاقتصادية العالمية، أخذت العولمة الأميركية دورا جديدا في المجالات الثقافية والتعليمية والإعلامية في المنطقة العربية يتمثل في تدخل مباشر في الشؤون العربية من حيث أسلوب الخطاب الإعلامي وفرض مصطلحات الإرهاب والانتحار وغيرها، ومن حيث التدخل في المناهج العربية لما يُدرس وما لا يُدرس فيها. بحيث أصبح مطلوباً عدم تدريس ما يحض على الجهاد أو الاستشهاد.

وفي عصر العولمة أصبح لانتشار وسائل الاتصال الدولية دورها الكبير في الوصول إلى الجمهور العربي، حيث باتت تلك الوسائل تنافس الوسائل العربية في الاستحواذ على المتلقي العربي. وهذا بلا شك يترك آثاره على الثقافات المحلية، وقد يقود إلى الاغتراب والى التأثير في الهوية.

وقد أطلقت الولايات المتحدة إذاعة سوا الأميركية - الترفيهية الطابع الدعائية الرسالة عام 2000 وفضائيتها (الحرة) بالعربية بعد رمضان في ديسمبر 2003 رصدت لها ميزانية ضخمة تستهدف جمهور الشباب العربي بشكل أساسي. وكانت استراتيجيتها كما جاء في تقرير لجنة جيرجيان الأميركية هي جذب مستمعين من الشباب عبر الموسيقى الشعبية ثم اطلاع المستمعين على السياسة والقيم والمصالح الأميركية خلال نشرات الأخبار والتحقيقات.

وإذا كانت العولمة والاتصال الدولي قادا الى ما بات يُعرَف بالعولمة الثقافية، فإنهما قد أثرا على استخدام اللغة العربية في مواقع عديدة، وتراجع استخداماتها في المجالات العلمية والتجارية في الوطن العربي. واللغة العربية هي مقوم الهوية العربية وحارسها. ولذا نحتاج إلى قرار بتوحيد مناهج اللغة العربية وآدابها على مستوى عربي ليس وهو أمر في متناول اليد لو أحسن وزراء التربية والتعليم العرب النوايا في اجتماعاتهم الدورية التي يعقدونها تحت مظلة جامعة الدول العربية واتخذوا قرارا بذلك.

وهو يرتبط بميثاق الوحدة الثقافية العربية الذي وقعت عليه دولهم، ومن المفترض أن يلتزموا يه، ولديهم الجهاز القادر على تنفيذ هذه المهمة فالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) تعمل في نطاق جامعة الدول العربية منذ يوليو 1970. وكانت الغاية من إنشائها التمكين للوحدة الفكرية بين أجزاء الوطن العربي عن طريق التربية والثقافة والعلوم. ومن مهامها تنمية اللغة العربية والثقافة العربية الإسلامية داخل الوطن العربي وخارجه.

Email