سلوم

»يصيح بالمالحة«

ت + ت - الحجم الطبيعي

لكل مجتمع خصوصياته في حياته الاجتماعيه التي تكونت عبر السنين لتتماشى مع تضاريسه الجغرافية والمجتمعية، ولكل مجتمع لغته الخاصة والتي وإن توحدت اللغة في بعض المجتمعات المتقاربة إلا أنها تقوم وبدون تخطيط باستخلاص لهجة تعد لغة خاصة بها، والتي تنتهجا طريقة وفقاً لطبيعة الحياة فيها.

مثلنا اليوم إحدى الدلالات الواضحة على ما ذكرنا آنفاً ( يصيح بالمالحة ) ومعناها كالآتي: ( يصيح ) أي يبكي أو ينادي بصوت مرتفع ( بالمالحة ) أي قطعة مالحة، فإذا قمت بتقليب تلك الجملة كيف ما تشاء فلن تخرج إلا بذلك المعنى، أما المعنى البعيد تماماً عن الترجمة الحرفية للجملة والذي هو خاص بمجتمعنا فهو يعني شيئاً آخر بتاتاً.

الشخص المقصود بهذه الجملة هو إنسان دائماً ما يشتكي فقره وعدم امتلاكه شيئاً يستطيع بِه مساعدة أحد أو يعيل بِه نفسه فيقال فلان ( روحه يصيح بالمالحة ) وذلك بمعنى أن هذا الشخص لا يستطيع على سبيل المثال مشاركتكم في الدفع إن كنت ترغبون في ذلك منه لمساعدة صديق، وهي جملة لا تقال إلا بطريقه واحدة فقط ( يصيح بالمالحة )، والصياح هنا معناه كثرة ترديد نفس الكلام ( والمالحة ) تعني الإفلاس التام، واستخدام كلمة الملح هنا والتي تعرف عند أكثر العرب برمز العشرة، يعني أنها في هذه الجملة هي الدلالات على عدم امتلاكه شيئاً واحتياجه للعون في نفس الوقت، واستخدمت الكلمة كون الملح يستخدم بشكل قليل جداً إذا ما تمت مقارنته بكمية اللحم أو القمح الذي يخبز معه فملعقة صغيرة من الملح تكفي لوليمة كاملة ولا تأخذ مكاناً بل تذوب في الماء أثناء عملية الطبخ ولذلك استخدمت كلمة الملح أيضاً لأن البيوت عندما تخلو من الطعام لا يمكن أن تخلو من الملح لذا يقال ( يصيح بالمالحة ) أي لا يمتلك شيئاً سوى ملح فقط.

على سبيل المثال إذا قام كبير قومٍ بتوجيه من يتبعونه ولنفرض أنه يريد منهم أن يقوموا بالمرور على عدة أشخاص ودعوتهم للتبرع لشخص احترق بيته ويكون بين تلك المجموعة أشخاص قد عرفنا أنهم لا يملكون المال فيقول من يعلم ذلك ؟ فلان لن نقوم بالمرور عليه ( هذا روحه يصيح بالمالحة ) أي دائماً ما يشكو قلة حيلته ولا يملك ما يدفعه لسد احتياجاته فكيف سيدفع لكم أو يساعدكم وهنا يعود موروثنا ليؤكد أنه دائماً ما يقوم بوضع الحالات التي تدعو للخجل في قالب متوازن يبعد بها الإحراج عن الناس ويداري شعورهم وأحاسيسهم.

وللحديث صله.

Email