الحصاد المفقود

ت + ت - الحجم الطبيعي

عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير... انطلقت هذه الكلمات العطرة قبل أيام معدودة واحتفل الجميع بأحلى الأعياد والأطفال بجمع العيديات والشباب بأخذ السنابات!!

لكن لنكن واقعيين ونسأل أنفسنا: ماذا كان حصاد صيام شهر رمضان وقيام لياليه لهذا العام؟

هل بعد شهر من الصيام وضعنا معايير موزونة للأكل والشرب من أجل صحة وعافية أم رجعنا إلى مستوى الشره نفسه ؟

ما هو السبب الذي يجعل المرء لا يستمر بسلوكيات شهر رمضان ؟

يعتبر تغيير السلوك من أصعب التحديات في حياة الفرد. وقد حاولت الكثير من الأبحاث تعريف العوامل التي تسهم في تغيير السلوك بصورة ناجحة وتطوير المزيد من الأدوات الفعّالة ومن أهمها في السنوات الأخيرة «النموذج النظري المتحول للتغيير».

يفترض هذا النموذج، الذي تم تطويره في الثمانينات من القرن الماضي، أنه في أي وقت من الأوقات، فإن الشخص يمر بواحدة من 5 مراحل للتغيير، وهي: ما قبل العزم (precontemplation) والعزم (contemplation) والاستعداد (preparation) والعمل (action) والمداومة (maintenance)

المرحلة الأولى هي مرحلة «ما قبل العزم». وفي تلك المرحلة لا يكون لدى الواحد رغبة واعية لإحداث تغيير، سواء لأنه ينقصه الوعي أو المعلومات أو بسبب الفشل في الماضي وشعور الإحباط (لقد حاولت مراراً وتكراراً أن أخسر بعض الوزن، إنه أمر ميؤوس منه). ويميل الناس في تلك المرحلة إلى تجنب القراءة والكلام أو حتى التفكير في العادات غير الصحية.

المرحلة الثانية هي مرحلة «العزم». وفي تلك المرحلة، يصبح المرء واعياً بأن هذا السلوك يمثل مشكلة، ولكنه لم يعقد العزم بعد على القيام بعمل معين. قد يقود التردد في تلك المرحلة لحساب الفوائد والتكاليف مراراً وتكراراً، مثلاً «لو توقفت عن التدخين، فلن أعاني من هذا السعال الجاف، ولكن سيزيد وزني».

المرحلة الثالثة هي مرحلة «التحضير» وفي تلك المرحلة يدرك الفرد أنه ينبغي عليه التغيير، ويعتقد أن بمقدوره القيام بذلك ويقوم بالفعل بالتخطيط للقيام بذلك في وقت قريب ويقوم باتخاذ بعض الخطوات المبدئية مثلاً الالتحاق بنادٍ صحي أو شراء كمية من لاصقات النيكوتين أو إضافة كتاب لاحتساب السعرات الحرارية.

أما المرحلة الرابعة فهي مرحلة «العمل»، وفي تلك المرحلة يكون قد حدث التغيير بالفعل وبدأ المرء في مواجهة تحديات الحياة من دون السلوكيات القديمة. هنا تكون الحاجة لممارسة البدائل التي تم تحديدها خلال مرحلة التحضير (على سبيل المثال، إذا كان ضغط العمل يحث على الأكل، فبالإمكان استخدام استراتيجيات التعايش الصحية مثل اليوغا والتنفس العميق أو التمارين الرياضية ويجب الانخراط في حديث ذاتي إيجابي لزيادة التصميم، ومحاولة الحصول على الدعم من الأقارب).

أما في المرحلة الأخيرة وهي «المداومة»، ينخرط الفرد في ممارسة السلوك الجديد لمدة 6 أشهر على الأقل. يتغير التركيز إلى محاولة دمج هذا التغيير في الحياة ومنع حدوث انتكاسة. قد يتطلب هذا إجراء تغييرات أخرى، وبخاصة تجنب المواقف أو المثيرات المصاحبة للعادة القديمة. قد يكون الأمر صعباً، حيث يعني على وجه الخصوص تجنب بعض الأنشطة والأصدقاء.

من عطايا شهر الرحمة إعادة توزيع الكربوهيدرات والتحكم في نسبة السكر لكن كرمنا الحاتمي بعد العيد يطغى بوجبات شهية وأطباق حلوة سخية ترفع السكر و«طوايفه» إلى صدارة المؤشر!!

اترك لكم التقييم .. وعساكم من العايدين!!

 

* استشاري طب الأسرة والصحة المهنية

Email