ما يأمله الخليجيون من الاتفاق النووي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتجه أنظار المتابعين والمهتمين بالشأن الشرق أوسطي نحو اللقاءات التي تتم هذه الأيام بين القوى الخمس الكبرى معها ألمانيا وإيران للتوصل إلى إتفاقٍ حول برنامج إيران النووي بنهاية هذا الشهر، وهو الموعد الذي حدده اتفاق لوزان للتوصل إلى اتفاق نهائي حول برنامج إيران النووي.

ونحن هنا لسنا في صدد إعادة ما قلناه مرات عدة حول هذا الإتفاق على صفحات هذه الجريدة وفي أماكن أخرى، ولكننا نعتقد بأن قرب الموعد يحتم علينا أن نتحدث حول هذا الموضوع الهام والحاسم بالنسبة لأمن المنطقة الخليجية بشكل خاص.

وكلامنا بالطبع لن يُؤخر أو يُقدم مما تعتزم الأطراف القيام به حول هذا الموضوع، ولكننا كخليجيين حق لنا أن نتوقف عند هذا الموضوع وخاصة هذه الأيام انتظاراً ما سيتم التوصل إليه بين المجتمع الدولي ممثلاً في القوى الكبرى مع إيران حول هذا الموضوع شديد الحساسية. وهنا دعونا أن نعبر عن ما نأمل به نحن كخليجيين من الاتفاق.

أولاً دعونا نؤكد أنه لا أحد يهمه وضع الأمن في منطقة الخليج العربي قدر دول الخليج العربي وشعوبها، فهي لا تود لحدوث ما يمكن أن يؤدي إلى زعزعة أمن المنطقة وإثارة مزيد من الشبهات حول مستقبل الاستقرار فيها. فهذه الدول عندما تضع موضوع الملف النووي الإيراني نصب عينيها فإنها تفعل ذلك حرصاً منها بأن مثل هذا الموضوع من شأنه أن يلقي بظلاله على حال الأمن في المنطقة.

ودول الخليج العربي تأمل في التوصل إلى اتفاق ولكن اتفاق مدروس من كل الجوانب. فهي ليست مع الهرولة إلى اتفاق لمجرد الرغبة في التوصل إلى اتفاق وإغلاق الملف، وإنما لابد أن تأخذ الدول الكبرى في الحسبان أن لا اتفاق أفضل بكثير من اتفاق سيئ، بمعنى تأجيل التوصل إلى الاتفاق في سبيل الحصول على ضمانات من الطرف الآخر بأن برنامجه النووي بالفعل برنامج سلمي.

وهذا لن يتحقق إلا بالاتفاق على النقاط العالقة والتي من ضمنها قوة وحجم نظام الرقابة الدولية التي ستُفرض على البرنامج النووي الإيراني. إلى الآن الملاحظ أن هذا النظام ما زال غير متفق عليه، والدليل ما يأتي من القيادة الإيرانية من خلال وضعها بعض الخطوط الحمر، والتي من ضمنها ما نسمعه هذه الأيام من اعتبار المنشآت العسكرية خطاً أحمر لا يمكن قبول الرقابة عليها.

وهذا جانب هام لنجاح هدف التوصل إلى إتفاق قوي يُطمئن جميع الأطراف، حيث أنه لا يمكن أن يعكس الاتفاق إذا ما تم التوصل إليه بنهاية هذا الشهر أي جدية في حالة أن تم استثناء المنشآت العسكرية من الرقابة الدولية. الخوف الدولي هو من أن يصبح البرنامج النووي الإيراني برنامجاً عسكرياً، وبالتالي فإن الربط بين البرنامج النووي ومنشآته مع المؤسسة العسكرية ومنشآتها أمر طبيعي وضروري.

على الدول الكبرى أن تضع هدف منع إيران من الحصول على السلاح النووي هو الهدف الذي تعمل من خلاله كل الاتفاقات وليس التوصل إلى اتفاق يضبط برنامجها النووي لفترة من الزمن ومن ثم يفتح الباب أمام إيران إلى تطوير برنامجها كيفما شاءت بعد ذلك. والقوى الكبرى وللأسف، ولاسيما الولايات المتحدة، نجدها تتنازل بشكل واضح في هذا الاتجاه، فهي لا تتحدث عن وقف البرنامج النووي وإنما ضبطه، وهذا ما تريده إيران في الوقت الحالي، ولكن هذا لا يمكن أن يُطمئن الجميع بسلامة البرنامج النووي في منطقة مشتعلة بالتوترات والمواجهات العسكرية.

لذلك نأمل كخليجيين في أن يأتي الموعد المحدد بين الأطراف، والمتمثل بنهاية هذا الشهر، باتفاق يُطمئن الجميع بأن البرنامج النووي الإيراني برنامج سلمي بحق من خلال وضع آلية ضبط ورقابة قوية لا تعطي المجال لأحد بأن يفكر في عدم الالتزام من دون عواقب وخيمة.

وإذا لم تتمكن الأطراف من التوصل إلى هكذا إجراء فيجب على الاتفاق أن يتم تأجيله وبالتالي تمديد فترة المفاوضات إلى أن يتمكن الجميع من التوصل إلى مثل هذا الإجراء الكفيل بطمأنة الجميع.

Email