الأمن السياسي في الدولة المعاصرة ليس ترفا، كما أنه بعد أن أضيفت إليه مهمة ثقيلة هي مكافحة الإرهاب أصبح ركناً أساسياً من منظومة الدفاع الوطني التي تتكامل مع عمل القوات المسلحة والأجهزة الشرطية لحماية الدولة ومكوناتها وشعبها وضمان استقرارها وديمومة منظومتيها السياسية والاقتصادية.
وقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تدرك هذه الحقائق منذ نشأة الاتحاد، فأصبح أمن الاتحاد بمفهومه الشامل جزءاً رئيسياً من واجبات جهاز أمن الدولة، ثم المجلس الأعلى للأمن الوطني منذ إنشائه كمظلة وطنية سيادية للأمن السياسي ومكافحة الإرهاب.
هذه المقدمة ضرورية للإضاءة على الدور الجليل الذي يقوم به قائد إماراتي فذ وواحد من أبناء الشيخ زايد الميامين هو سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي.
والواقع أن أول ما يتبادر إليه الذهن عند الحديث عن المجلس الأعلى للأمن الوطني هو دور سموه في قيادته كمستشار للأمن الوطني وما تبع ذلك من تحول المجلس إلى مركز أساسي في صناعة القرار السيادي للدولة الاتحادية، من خلال توفير المعلومة الدقيقة والتحليل المعمق ضمن إطار المصلحة العليا للاتحاد.
لكن العملية الأمنية لا تقتصر على المعلومة فقط، وإنما تبدأ منها لتصل إلى وضع الاستراتيجيات والبناء عليها لضمان ديمومة الأمن على مدار الساعة، من خلال منظومة دقيقة للإنذار المبكر في كل التطبيقات المعاصرة لمفهوم الأمن الشامل.
ولو أخذنا النجاحات المتراكمة التي حققها جهاز أمن الدولة، وهو الذراع الأساسية للمجلس الأعلى للأمن الوطني، لتبين لنا أنها جاءت نتيجة الرؤية المتبصرة والقيادة المستشرفة لسمو الشيخ هزاع، بحيث أصبحت وتيرة عمل الجهاز قائمة على التنبؤ بالمخاطر مهما كانت درجتها والتعامل معها قبل وقوعها، ونحمد الله سبحانه وتعالى على ما نلمسه يومياً من آثار هذه النجاحات في الأمن والأمان الذي نعيشه بفضل الله أولا ثم بفضل الجهود المبذولة من جهاز أمن الدولة وبقية الأجهزة الأمنية الزميلة له.
وربما تكون قضية التنظيم السري الذي تم ضبطه ومحاكمة المنتسبين إليه من أبرز النجاحات التي شهدناها في السنوات الأخيرة للجهاز، وهي قضية ظهرت فيها واضحة «بصمة هزاع» من حيث التعامل المسؤول مع الملف برمته وتقديم المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبارات أخرى، والفصل بين المعالجة الفكرية التوعوية والضبط القضائي الإجرائي لجهة تحميل الصفة الجرمية لمن يرتكبها دون التساهل مع الوعثاء الفكرية التي يحاول غير المجرّم أن يبثها تحت ستار الفكر.
ولعل الشفافية الكبيرة التي تابع بها الإماراتيون ملف قضية التنظيم السري توضح إلى أي حد كان جهاز أمن الدولة وقائده سمو الشيخ هزاع بن زايد على ثقة من خطواته في التعامل مع هذه القضية، بحيث أصبح المواطن شريكاً في كافة خطوات التعامل مع الملف، ولم تحجب أية معلومات إلا ما كان ضرورياً لغايات التحقيق والمتابعة الأمنية.
واسمحوا لي هنا أن أشير إلى ما أعلنه معالي الفريق ضاحي خلفان في مقابلة تلفزيونية مؤخراً من أن بعض المطلوبين في قضية تنظيم الإخوان غادروا الدولة من المنافذ الرسمية رغم كونهم تحت المتابعة وذلك لأن الأدلة بحقهم لم تكن قد اكتملت. وهذا مؤشر مهم على مفهوم دولة القانون التي تعمل في إطارها المؤسسة الأمنية وأن الأمر لم يكن استهدافاً للناس لشخوصهم أو لتدينهم كما يحاول بعض الرغاغلة (من أبي رغال) أن يوهموا الناس. وفي رأيي أن هذا الأمر بحد ذاته نجاح مشهود لجهاز أمن الدولة يستحق التهنئة عليه.
كما أن كشف مؤامرات بعض الصغار ضد العملاق الإماراتي وإحباطها في مهدها ومنع تحولها إلى فتنة تمس المجتمع الإماراتي الآمن يوضح من جانب آخر حرفية الجهاز ودقته في الرصد والتحليل واكتشاف مصادر التهديد المحتملة واستئصالها من جذورها الفاسدة وتقديمها للعدالة لتقول كلمتها فيها. لكن الدور الوطني لسمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان لا يمكن اختصاره في الدور الأمني فقط. فالدور المهم الذي يقوم به كنائب لرئيس المجلس التنفيذي في إمارة أبوظبي وعضد قوي لأخويه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حاكم أبوظبي حفظه الله ورعاه وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس المجلس التنفيذي. ومن تابع التصريحات العميقة التي أدلى بها سمو نائب رئيس المجلس التنفيذي في إمارة أبوظبي لمؤسسة أكسفورد بزنس غروب على هامش إصدار تقريرها الخاص عن اقتصاد أبوظبي يلحظ بما لا تخطئه العين رؤية قيادية طموحة لمسار التنمية الاقتصادية في الإمارة الأم تتيح لنا التعرف على فكر اقتصادي متجدد يعرف بالضبط المسار الاقتصادي الناجح الذي يساهم في قيادته.
ولعل تجربة سموه في قيادة مجلس أبوظبي الرياضي تعطي فكرة واضحة عن الشخصية القيادية عند سمو الشيخ هزاع بن زايد، حيث قامت رؤيته لدور المجلس على تطوير رياضة أبوظبي والارتقاء بها لتصبح عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة في مقدمة العواصم الرياضية عالمياً. ويمكننا هنا الاستشهاد بدور سموه في إطلاق مجموعة البرامج التطويرية للأندية وإحداث النقلة النوعية في منظومتها الإدارية لتتماشى مع النقلة الرياضية التي تشهدها العاصمة ابوظبي وهو ما أهّله باقتدار للفوز بجائزة محمد بن راشد للإبداع الرياضي عام 2009 للشخصية الرياضية المحلية.
أما التجربة «غير الرسمية» في حياة سموه والتي تستحق التوقف عندها بكثير من التقدير والاحترام فهي تجربة «مسابقات أنجال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان لثقافة الطفل العربي» والتي تشمل كلا من جائزة الشيخة فاطمة بنت هزاع بن زايد آل نهيان لقصة الطفل العربي، وجائزة الشيخة سلامة بنت هزاع بن زايد للسيرة القصصية، وجائزة الشيخ زايد بن هزاع بن زايد آل نهيان لمسرح الطفل العربي، وجائزة الشيخة ميرا بنت هزاع بن زايد آل نهيان لشعر الطفل العربي وجائزة الشيخ محمد بن هزاع بن زايد آل نهيان للترجمة.
وكان سمو الشيخ هزاع بن زايد أطلق هذه المسابقات في العام 1997 لتمثل منذ ذلك الوقت أكبر برنامج منتظم لتقدير الأعمال الأدبية الموجهة للطفل العربي. لكن مأثرة سموه لم تقف عند حدود الجوائز وطباعة الأعمال الفائزة، بل تعدتها إلى قرار سموه في العام 2009 المتضمن طباعة الأعمال الفائزة بطريقة «برايل» للمكفوفين حيث تم الاتفاق مع مؤسسة زايد العليا للرعاية الانسانية لتحويل جميع كتب الجوائز وإنتاجها بطريقة «برايل» لكي يتمكن الطفل العربي الكفيف من الاستفادة منها شأنه شأن الطفل المبصر.
وبعد، فقد وجدت لزاماً عليَّ أن أكتب عن الإنجاز الإنساني لسمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مثلما أكتب عن إنجازاته الأمنية ولا غرو في ذلك ولا ضير، وكيف لا والأمن الإنساني جزء لا يتجزأ من مفهوم الأمن الشامل الذي يقوم عليه فكر سموه وعمله.
ويكفي «هزاع بن زايد» ومن معه من أبناء الإمارات المخلصين مقولة حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف برواية الترمذي «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».