رسالة محبة إلى شيخ الأمل والمحبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لله درك يا صاحب السمو، فقد أتعبتنا جميعاً، من المحب إلى الحاسد، وأنت الذي تقف أمام الجميع كالطود الشمخ تمخر عباب بحر التحديات بلا تعب، ولا ملل، ولا كلل، ولا يأس، لكي تبني مستقبلاً مزهراً ليس فقط لدبي، ولدولة الإمارات العربية المتحدة، بل للعروبة والإسلام والإنسانية جمعاء.

لله درك، وأنت تختار كلماتك بعناية في حفل إطلاق مسبار الأمل، لكي يشعر كل إماراتي وكل عربي وكل مسلم وكل إنسان معك بالفخر والزهو نفسه، وأنه شريكك فيه، منذ أن كان خاطراً ببالك إلى أن يصبح واقعاً، يتحقق في ذكرى تأسيس الدولة عام 2021. تقف يا صاحب السمو، رسولاً للمحبة والأمل والسلام تخاطب الدنيا بأسرها وأنت تقول عن تسمية مسبار الأمل:

 «لأن زايد كان يمثل الأمل لدولة الإمارات، والإمارات اليوم تمثل الأمل للمنطقة، وهذا المسبار يمثل الأمل لملايين الشباب العرب بمستقبل أفضل، والأمل عكس اليأس، ونحن لا نريد لمنطقتنا أن يصيبها اليأس أبداً، هناك دائماً أمل بمستقبل أفضل للجميع، بإذن الله».

ثم لا يمنعك ذلك من أن تطلق إشعاعاً كونياً من الأمل في نفوس مستمعيك ومتلقيك، حين تخاطبهم بكلمات الأب الحاني، والقائد الباني: «إن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ يبعث بثلاث رسائل:

الأولى للعالم بأننا أهل حضارة، وكما كان لنا دور سابق في المعرفة الإنسانية سيكون لنا دور لاحق أيضاً، والثانية لإخواننا العرب بأنه لا يوجد مستحيل، وبإمكاننا منافسة بقية الأمم العظمى، ومزاحمتها في السباق المعرفي، والثالثة لشبابنا بأن من يعشق القمم يصل لأبعد منها.. يصل للفضاء.. ولا سقف ولا سماء لطموحاتنا».

ولعل من لا يعرفك يسأل هنا: لماذا يتحدث صاحب السمو عن الأمل، ويبعث رسائله هنا وهناك في وقت، تمر فيه أمتنا بمنعطفات تاريخية موحشة؟ وأقول لمن لا يعرفون سموه «إن هذا ديدنه: يغرس الأمل، حيث كان».

وهكذا هم القادة الذين ينظرون للمستقبل البعيد، فيرونه قريباً، لا حلماً، بل تخطيطاً وعملاً دؤوباً. ومن تابع مسيرة «محمد بن راشد» القيادية، يرى أن غراس الأمل كانت هي الأساس في مسيرته الناجحة، ألم يكن مشروع النخلة أملاً تحول إلى واقع؟ أ

لم يكن قمر دبي سات الاصطناعي، ومن بعده خليفة سات، مجرد أمل تحول بالعمل إلى واقع. ألم يكن برج خليفة وكل إنجازات دبي الأخرى مجرد أفكار على الورق كنا «نأمل» أن نحققها، فتحولت بفضل الله، ثم بفضل «غارس الأمل» إلى ثمار يانعة ملموسة، نعيشها ونتفيؤها!

وربما تكون أحول أمتنا اليوم موحشة، لكن ما الذي يمكنه أن يخرجنا من تلك الوحشة إلا الأمل، ومع قادة يملكون من الشجاعة ما يكفي ليحلموا بمستقبل أفضل وأمل واعد.

ألم تكن مشاركتنا في عملية إعادة الأمل مع الأشقاء في التحالف العربي جزءاً من بناء هذا الأمل الواعد؟ هل نبالغ إذاً إن قلنا «إن مسبار الأمل هو رد الإمارات الأكثر عملية وواقعية على فكر داعش وعرابيها الكثيرين، في الوقت الذي تقوم فيه طائرات سلاح الجو الإماراتي بالرد الواقعي الموازي على تصرفات داعش وجرائمها!».

وحين نفهم أسلوب «محمد بن راشد» الفريد في القيادة المنتجة، نستطيع أن نفهم لماذا يصر سموه على غرس مفاهيم الإيجابية والأمل والمحبة، ليس كونها رسائل رومانسية، وإنما كونها أساليب قيادية تثمر عطاء وعملاً وتقاسماً للأدوار على شكل غير مسبوق في عالم «دبي» التي تقدر فيه الفكرة مهما كان مصدرها، ويعلي من شأن الإبداع والابتكار، ويفتح «الحاكم» قلبه قبل بابه لكل صاحب رأي سديد.

لذلك، ونحن نستمع لكلمات صاحب السمو الشيخ القائد في إطلاق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ ومسبار الأمل، نتلمس بين ثنايا كلمات سموه رسالة مهمومة بالإنسان إماراتياً كان أم عربياً أم مسلماً أم أياً كان، لأن ما يغيب عن بال كثيرين أن إنفاق 20 مليار درهم على مشروع بهذا الحجم لا يأتي لمجرد التفاخر، وإنما خدمة لهدف أسمى، ونقلة نوعية في الأهداف التنموية والاستراتيجية للدولة..

فبينما يتسابق الآخرون على الإنفاق السلبي لبناء ترسانات عسكرية فتاكة لا تبقي ولا تذر، ها هي الإمارات تتسابق وتتنافس في ما هو خير، ألا وهو مستقبل الإنسانية المشترك، وتطوير المعرفة العلمية البشرية الجمعية، ومثل هذا التفكير لا يصل إليه إلا من كانوا عظماء في نفوسهم وأهدافهم وهممهم العالية، التي تسامق السماء.

لهذا كله، وبفضل الله تعالى، ثم بفضل قادة من أمثالكم، يا صاحب السمو، لا يبدو غريباً أن ننشد جميعاً بقلب رجل واحد مع مطربنا الوطني حسين الجسمي:

كلي فخر إني تربيت في دار تقييمها ميه على ميه

وكيف لا وأنت الذي اخترت أن توجه رسالة عميقة لكل مواطن، ولكل عربي، من خلال إصرارك على التوطين الكامل لجميع الكفاءات العلمية والهندسية العاملة في مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ سواء على مستوى وكالة الإمارات للفضاء أو مركز محمد بن راشد للفضاء..

وهذه بحد ذاتها رسالة مهمة في مجال التأهيل العلمي الصحيح للكفاءات الوطنية، وتمكينها وإتاحة القدرات العلمية والعملية لها، ويكفي هؤلاء الشباب والشابات من أبناء وبنات الإمارات فخراً أنهم سيدخلون التاريخ من أوسع أبوابه، وهم يحققون أهداف الدولة في مشروعها الطموح لاستكشاف المريخ.

ثم لهم أيضاً من الفخر أضعاف مضاعفة، وهم الذين قال لهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «لو رآكم زايد اليوم لدمعت عيناه، أنتم غرسه، وثمرة عمله، وتتويج مسيرته».

 

Email