حق مشروع

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ ظهرت الشعوب ككيانات لها حقوق تحترم ، ليتوازن العالم ويعيش في سلام ووئام، صار دفاعها عن نفسها حقا مشروعا لها ، تمارسه الدولة التي تعبر عنها وتحمي مصالحها ووجودها ، والجيش الوطني الذي يتولى صيانة وحدتها وأمنها .

ما تمارسه دول الخليج اليوم بقيادة المملكة العربية السعودية هو بكل بساطة دفاع عن حق الشعب اليمني في ان يقرر مصيره بحرية ، كشعب سيد يعيش في دولة تستمد سيادتها وشرعية نظامها من إرادته ، التي لا يحق او يجوز لأي طرف داخلي أو خارجي الاعتداء عليها أو الانتقاص منها ، لأي سبب كان ، فإن كان هناك من نزاع بين دول ، كان من المحتم حله طبقا للقوانين والأعراف ، التي اقرتها الشرعية الدولية حفاظا على الامن والسلم في العالم، والتي تمنع العدوان والعنف كمنظم للعلاقات الدولية ، وتلزم المتصارعين بفض نزاعاتهم بطرق تحفظ حقوق جميع أطرافهم .

اما أن تخترق دولة اجنبية ، كبيرة كانت أم صغيرة ، المجتمعات المجاورة لها ، بعيدة كانت أم قريبة ، وأن تنظم ، من خلال تدخل ينتهك سيادتها وقوانين بلدانها ،قسما من أبنائها وتدربه وتسلحه كي ينقض على دولته ومجتمعه، بذرائع مضحكة تتحدث عن الشعب والثورة ، بينما الشعب يرفضه والثورة ليست بين أهدافها، فهذا يعتبر عدوانا سافرا على شعب آخر ، يعطيه الحق في الدفاع عن نفسه بوسائله الخاصة او بالاستعانة بأخوته وحلفائه ، ما دام لا يخطط للاعتداء على احد، ولا يريد تجاوز حدوده كي يفرض إرادته على احد، ويكتفي بمقاومة اعمال عنف تستهدف الحاقه بدول وسياسات لم يستشره أحد فيها ولا يوافق عليها ، تتعارض مع انتمائه القومي ومصالحه الوطنية والتزاماته حيال الشرعية .

اعتدى الحوثيون على شعبهم ودولته ، وهددوا سيادته ، فكان من الطبيعي ان يهب لممارسة حقه الطبيعي في الدفاع عن وطنه ووحدته وسيادته، وان يستعين بإخوته في الخليج ، ليس فقط لأن خطر الانقلاب الحوثي يتخطى اليمن إلى بلدانه ، بل كذلك لأن فارق القوة بين الحوثيين وبين مواطني اليمن ، ألزمهم بطلب الغوث منه ، بعد انضمام قطاعات من الجيش إليهم بقوة أموال الفساد السياسي ، التي سكبها عليهم حليف الحوثي رئيس اليمن السابق علي عبد الله صالح ، وبعد اتضاح حجم الاختراق الإيراني الذي تمكن من الانتشار في شمال البلاد ووسطها ، حاملا معه بذور صراع عشائري / طائفي مدمر ، لن يبقى اليمن بعده ما كان عليه قبله ، وإنما سيفتته صراع ضار ومديد ، على غرار ما يحدث في سوريا بأيدي مرتزقة حزب الله وعصابات ايران العراقية والافغانية والحوثية ، وجيش الحرس الثوري ، الذي غزاها بحجة الدفاع عنها لكنه قتل من شعبها اعدادا يصعب حصرها ، تبقى في جميع الأحوال أقل من اية اعداد كان يمكن ان تترتب على بقائها دون دفاع إيران المزعوم عنها.

واليوم ، وعلامات كثيرة تشير إلى أن الحوثيين سيخسرون معركة فرض التبعية لإيران على وطنهم وشعبهم ، واليد السعودية والخليجية ممدودة لهم بالخير والسلام، رغم كل ما فعلوه ، يصير من واجبهم ، إن كانوا يحبون شعبهم ووطنهم حقا، القاء السلاح والانخراط في حوار وطني شامل يقرر مصير اليمن بإرادة أبنائه ، وينزع انياب الذئب كي لا يفترس مواطنيه . فهل يعيد الحوثي النظر في حساباته ، بعد أن بينت « عاصفة الحزم» له عبثية سعيه وحتمية هزيمته ، فيذهب الى طاولة الحوار ، أم يواصل ركوب رأسه فيفقد كل شيء ، لأن شعب اليمن لن يستكين له او يجاريه في مقاصده ، ولن يترك له فرصة غير الاستسلام والهزيمة، وإلا فقد حقه في الوجود كشعب اعتدي عليه ولم يعتد على احد ، ليست حربه غير دفاع الشريف عن نفسه ووطنه ودولته !.

Email