عاصفة الحزم اسم يختصر معاني كثيرة في الحرب الدولية ضد مليشيات الحوثيين في اليمن. فالسياسة السعودية معروف عنها التأني وإعطاء الفرص ومحاولة الاحتواء. وهي وشقيقاتها دول الخليج لعبت دوراً في مساعدة اليمن وانقاذه من حالة الانهيار التي كان مقبلاً عليها لولا المبادرة الخليجية التي شكلت جهداً جماعياً لتحقيق مصلحة اليمن وتجنيبه الحرب الأهلية.
وجاء الانقلاب الحوثي على الشرعية كحدث خطير يلغي الاتفاقية، ومن المؤسف ان الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والذي كانت المبادرة طوق نجاة له، هو نفسه الذي تحالف مع الحوثيين وتآمر معهم ضد الشرعية.
مجلس التعاون الخليجي اطلق اكثر من بيان بأن أمن اليمن من أمن الخليج. وأن دول الخليج ملتزمة بدعم الشرعية. وطرح الخليجيون اقتراحا لمؤتمر للحوار يعقد في الرياض. لكن الجانب الحوثي تجاهل كل المحاولات.
وتوسع في التمدد حتى انه وصل لعدن واستخدم السلاح الجوي في ضرب مقار الرئاسة. هناك قوى أجنبية وجدت اليمن كموقع استراتيجي فاستخدمت السياسة الطائفية كورقة للتدخل في الشؤون الداخلية اليمنية.
ويبدو ان قراءة التأني السعودي والحلم في معالجة الأمور كانت خاطئة. وكان الخليجيون يتعاملون وفق معايير احترام الجوار وترك الشأن الداخلي لأهله. في الوقت التي كانت قوى أخرى تتدخل وتؤسس مليشيات تابعة لها وأصبحت المتحكمة في القرار السياسي اليمني. الحزم الدولي في مواجهة العبث الحوثي كان مطلوباً. فالحرب رغم بشاعتها الا أنها اخر العلاج. وهناك طلب رسمي من الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي بطلب التدخل.
ولذلك كان هناك دعم دولي قوي لهذه الحملة العسكرية وهناك عشر دول مشاركة في الجهد العسكري. بينما دعمت الولايات المتحدة وأوروبا العملية العسكرية. وهذه رسالة واضحة ان العالم يراقب تمدد بعض القوى في المنطقة وأن سياسة التهاون قد تعطي فرصة اكثر لهذا التمدد، ولهذا كانت العاصفة الحازمة رداً قوياً وحاسماً بأن السياسة الحكيمة ليست ضعفاً بل هي محاولة لتجنب الأمور الأكثر صعوبة. ولكن الرسالة تقول اذا استوجب الأمر الرد العسكري فدول الخليج جاهزة ومستعدة لهذه اللحظة.
اليمن دولة شقيقة للسعودية وهناك جالية يمنية ضخمة تعيش في السعودية. وهي التي أكدت انهم محل ترحيب ولن يتأثروا بهذه الأحداث. والسعودية اكبر دولة داعمة لليمن منذ عقود طويلة. كما أن هناك تقديراً يمنياً شعبياً وحكومياً للتدخل العسكري والذي أكده وزير الخارجية اليمني رياض ياسين في شكره لدول التحالف على استجابتها السريعة لدعوة الرئيس اليمني للتدخل العسكري لإنقاذ اليمن من براثن الانقلاب الحوثي على الشرعية. وقال ان التحرك العسكري اعاد الثقة في نفوس اليمنيين والعرب في العمل العربي المشترك.
الخليجيون في موقفهم يثبون أن مجلس التعاون الخليجي يظل المؤسسة السياسية الأكثر نجاحا وفعالية في العالم العربي، وكان موقف السعودية والإمارات وبقية دول الخليج متجانساً. واستند الى خطوات ملموسة.
وكان اجتماع الرياض الذي عقد الأسبوع الماضي بحضور اولياء العهود في الإمارات والكويت والبحرين وقطر محورياً في اتخاذ القرار بالتدخل العسكري. وهذا الموقف جعل بقية الدول تشارك عسكريا او بالدعم السياسي.
فحينما يكون رأي وقرار موحد من دول الخليج يتعامل العالم معه باحترام واهتمام. ولذلك هذه التجربة هي امتداد لتجارب ناجحة ومصيرية ففي البحرين كانت قوات درع الجزيرة الضامن لأمن واستقرار البحرين وهو القرار الذي، في سرعته وأهميته، أغلق كل الاحتمالات السلبية التي كانت تواجه البحرين. وهناك تجربة تحرير الكويت فالخليجيون كان صوتهم وعملهم وتضامنهم عاملاً أساسياً لعودة الكويت وتحريرها من الاحتلال.
التحالف الدولي الذي تقوده السعودية في دعم الشرعية اليمنية يعيد الأمور إلى نصابها. وإن ممارسات البلطجة في المنطقة والحروب بالوكالة اسلوب جعل المنطقة تعيش في ازمات متلاحقة وهدد النظام الإقليمي بأكمله.
وأحيانا لابد من موقف قوي يجعل الآخرين يدركون أن هناك خطوطاً حمراء لا يجب تجاوزها ولن يسمح بتجاوزها. وأمس قال العالم كلمته إن الشرعية هي المرجعية وإن عمل المليشيات هو عمل اسلوب عصابات لا يتفق مع القانون الدولي ويفتقد حتى للدعم الشعبي والمبررات الأخلاقية.