أسئلة غير هامشية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما قيمة ومعنى المعرفة في مجتمع ودولة لا يأبها بها؟ هل يمكن لدولة أن تتطور فى مجالات التقنية وتستوعب ثوراتها الرقمية والمعلوماتية دون تكوين رؤيا وبنيات ولغة معرفة؟ هل يمكن فصل سياسات التنمية دونما رؤية معرفية وفلسفية وتاريخية وقانونية يرتكز عليها النموذج التنموي المؤسس الذي تنهض عليه هذه السياسات التنموية واستراتيجياتها وآليات عملها على أرض الواقع؟

هل يمكن استعارة نموذج للتنمية من تجاربها الناجحة خلال عديد العقود الماضية من خلال سياسة تسليم المفتاح أسوة بما تم فى تعاملنا وغيرنا فى جنوب العالم مع التكنولوجيات التي تجاوزتها ثوراتها المتعددة، والتي أدت إلى تلويث البيئة وإعادة إنتاج تخلفنا التاريخي؟

هل يمكن للتكنولوجيا أن تكون بديلاً عن أساسها الفلسفي والمعرفي، وتغدو جوهر عمليات التنمية؟ هل يمكن فصل عمليات توطين التكنولوجيا دونما تأصيل لثقافة الحرية والمواطنة والمساواة والانفتاح المعرفي على العالم ما بعد الحديث والكوني، وقبول ثقافة الاختلاف، والاعتراف العميق والواعي بأن الآخر- الثقافي والديني والمذهبي والفلسفي- هو جزء من الذات؟

هل نفي الآخر هو تأكيد وتأصيل للهوية، أو هوياتنا الفردية والجماعية على تعددها؟ أليس الآخر فى عالمنا الكوني هو إثراء لذواتنا؟ إلا يعد التحديد السلطوي والديني والمذهبي للهوية ذات البعد الأحادي هو اخصاء لها أو نفي لثرائها التعددي وتحولاتها؟

هل للتكنولوجيا وثوراتها انعكاسات على الهوية وأبعادها؟ هل التكنولوجيا محض أداة فقط أم هي لغة ودلالة ومنهج تفكير؟ هل تقتصر حياة التكنولوجيا عليها أم أن محركها معرفي فى العمق؟

هل الثورة الرقمية الاتصالية والمعلوماتية واللغوية وفضاءاتها المفتوحة- معزولة عن الفلسفة والمنظورات المعرفية؟ أم أنها تكتفي بذاتها وتطوراتها؟

هل الاختزالات فى اللغة الرقمية وإيجازاتها تبني جداراً عازلاً بينها وبين الكتابة الفلسفية والمعرفية والسوسيولوجية والقانونية والسياسية الورقية؟ هل تؤثر اللغة الرقمية ومنظوراتها ومقارباتها على الفكر الفلسفي والقانوني ونظريات المعرفة والقانون والدولة؟ هل ستؤدي إلى المزيد من التعقيد والتركيب والإيجاز فى اللغة والاصطلاح الفلسفي والتاريخي والقانوني والسوسيولوجي؟

هل ستؤثر اللغة الرقمية على الخيال الشعري والروائي والقصصي؟ هل ستتغير الأبنية السردية ومجازاتها وانطلاقاتها الحرة المجنحة؟ هل سيؤثر الرقمي وفضاءاته وأخيلته ولغته على النحت والرسم والتشكيل والأعمال المركبة أم سينبثق خيال وأعمال غير مألوفة من ثنايا الثورة الرقمية؟ هل الموهبة والعبقرية والاستثناء الأنساني المتفرد ستكون له معاييره الرقمية المغايرة لما ألفناه من نظريات ومعايير كانت جزءاً من عوالم حداثية وما بعدها ستأفل؟

هل علما النفس والتربية وأساليب التنشئة الاجتماعية وتطوراتها سيطويها النسيان وتغدو جزءاً من تاريخ المعرفة بالإنسان في أعتاب هيمنة الرقمي على الفضاءات الفردية والاجتماعية والسياسية؟ أي معنى ستأخذه الفردية والفردنة والفرد والجماعة فى عالم الرقمنة الكوني؟

هل ستستمر التكوينات الأسرية والعائلية والقبائلية والدينية والمذهبية فى هذه الأطر المتغيرة وتحولاتها الهادرة؟

هل ستستمر مفاهيم وسياسات السيطرة البطريركية التقليدية والمحدثة فى قيادة وإدارة البنى السابقة؟ هل مفاهيم الأبوة والأمومة والأخوة والصداقة ستستمر أم ستتحول، وأي أشكال جديدة ستحل محلها؟ هل ستتغير مشاعرنا وعواطفنا وأحلامنا المستمرة حول الحب والكراهية والألم واللذة والشجاعة والجبن والخوف؟ هل سيستمر مفهوم الأسرة النووية أم سيخضع للثورات القادمة؟

هل سيستمر مفهوم الإيمان الديني السائد تاريخياً في الأديان السماوية والوضعية أم سيتحول؟ هل إدراك العقائد والمذاهب والطقوس والتعاليم الدينية والمذهبية ستستمر كما هى أم أن ثمة تجديدات في تأويلاتها، وممارساتها، والأهم إدراكها في عالم الغد ما بعد الرقمي؟

 

Email