ضرار بالهول الفلاسي

حمدان بن محمد: المرجلة والطيب والناموس

ت + ت - الحجم الطبيعي

في قصيدة له بعنوان (حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم)، يقول الشاعر الكويتي الشاب محمد جار الله السهلي:

واللي يقول الاختزال إبداع ليته يستخير

                                      جيت اختصر حمدان ابن مكتوم وأثره ما يلي

المرجلة والطيب والناموس والسيف الشطير

                                           وطريق مجدٍ ما كساه إلا البساط المخملي

وقصايده فيها عذوبة قيس مع طنخة جرير

                                            وإن قالها زئير أسد ما هو صفير البلبلي

وأصبح أبوّه لليتم وأصبح عيون للضرير

                                       وبشرى الفرج للمستجير المستضيق المبتلي

يا شيخ يا نسل الشيوخ وصوفك البحر الغزير

                                       وأنا افتخر في مدحتك وأنا اشهد إن الفخر لي

استوقفتني هذه الأبيات وأنا أتابع الاستقبال الشعبي الحافل لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي في دولة الكويت الشقيقة، التي يزورها لقيادة فرسان الإمارات في بطولة كأس الخليج للقدرة والتحمل، وهو الاستقبال الذي لم يقتصر على الجانب الرسمي وفعاليات البطولة فحسب، بل تعداها إلى الترحيب الجماهيري العفوي، أثناء تناول سموه الغداء في أحد مراكز التسوق. ليست الكويت غريبة على الإمارات، ولا الإمارات غريبة على الكويت، كما هي الحال، بفضل الله تعالى، بيننا وبين شقيقاتنا الخليجيات، والمحبة المتبادلة إنما هي دليل متجذر على عمق العلاقات الثنائية وقوتها وأصالة المشاعر التي ترسخها أواصر القربى والدم والتاريخ والمصالح المشتركة، التي أثبتت الأيام أنها أقوى من كل التحديات التي واجهتها دولنا، بل إننا لا نبالغ أن كل تحدٍ مر به الخليج وواجهناه معاً زادنا تقارباً وتلاحماً وائتلافاً، ومخطئ كل الخطأ من يظن ولو توهما غير هذا.

لذلك ليس غريباً أن يكون رد سمو الشيخ حمدان على كل هذا الحب الكويتي لسموه ولدولته بالقول:

ويْعيش جُمْهور الكويت المسَمِّين

                      فِي ظِل شيْخٍ ما على مَجْدَه غْبَار

دار الصباح اللِّي يِرِدِّ المُعَادين

                    والشَّعْب يَهْتِفْ بَاسْمَه كْبار وِصْغَار

ومحبة الناس، في الكويت ومن قبلها في الإمارات، للفارس والشاعر والفتى الإماراتي النبيل سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي ورئيس المجلس التنفيذي لا تأتي من فراغ، ونحن لسنا من الشعوب التي تعجب بالناس فقط لأنهم مشاهير.

ذلك أن «فزاع» نجح في انتزاع محبة الناس بسيرة عطرة ورث فيها عن آل مكتوم الأماجد، وفي مقدمهم والده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خُلقاً رفيعاً ونفساً طيبة وأخلاقاً حميدة رفعته في أعين الناس قبل أن ترفعه المناصب والألقاب.

ويُجمع كل من عرف سموه على اتصافه بأربع صفات تجعله في مقدمة الصفوف، عندما يتعلق الأمر بمناقب الرجال الرجال، وهي: التقوى والتواضع والجود والترفع عن الصغائر، وكم لسموه من أياد كريمة وفضل في الاهتمام بذوي الحاجات وحل مشكلاتهم بعيداً عن الإعلام وقريباً من القلوب، ولو أتيح المجال للحديث لتحدثنا واستفضنا عن ذلك «المواطن الإماراتي، الذي رفض الكشف عن اسمه» في حالات إنسانية عديدة، فجزاك الله خير الجزاء يا سمو الشيخ وأنت تمثل القدوة الحسنة لشبابنا وأجيالنا.

وسموه هو من هو في بطولات القدرة والتحدي، وذلك في حد ذاته أنموذج يحتذى ليس لشباب الإمارات فحسب، بل ولشباب الخليج والعرب والإنسانية ككل، لأن سباقات القدرة درس في الكفاح الإنساني لتحقيق الأهداف وبناء مسارات النجاح الفردي والجماعي.

لكن شخصية فزاع الرياضية لم تخف شخصيته الإنسانية شاعراً أو مصوراً أو مغامراً، حيث وجدنا سموه في كل واحدة من هذه الهوايات الجميلة لا يخلع رداء فزاع الإنسان، ومن يطالع حساب سموه على الإنستغرام مثلاً يلحظ على الفور اهتمام سموه بالتواصل الإنساني العفوي مع الناس، بعيداً عن الفوقية والكبر، وقريباً جداً من البساطة والتواضع والروح الحميمية: ألم تلاحظوا صوره مع الأطفال الفقراء في كل بلد يزورها؟ ولعل هذا هو سر نجاح جائزة حمدان بن محمد العالمية للتصوير الفوتوغرافي، التي تعتبر اليوم أكبر جائزة على مستوى العالم تكافئ إنسانية العدسة.

و«حمدان بن محمد» قبل ذلك، وبعده هو قرة عين أبيه والوطن، لذلك لم يكن اختياره ولياً لعهد دانة الدنيا مفاجئاً ولا مستغرباً، فقد مر قبلها بفترة اختبار وتأهيل قاسية تمثلت في الدراسة العسكرية في ساندهيرست، ثم تسلمه رئاسة مجلس إدارة أحد البنوك الناشئة قبل أن يتبوأ رئاسة المجلس التنفيذي لإمارة دبي.

وفي مواقعه المختلفة، عمل سمو الشيخ حمدان بن محمد بمنطق رؤيوي يراكم النجاحات، مستهدياً بإرشادات قائده ووالده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومستفيداً مما تعلم في مدرسته.

لذلك لم يكن مستغرباً أن يتولى سمو ولي عهد دبي الإشراف المباشر واليومي على مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي في العالم، ورئاسة مركز دبي للصيرفة والتمويل الإسلامي، وهي واحدة ليس إلا من مبادرات عديدة يتبناها ويرعاها سموه تشمل أيضاً مبادرة حكومة دبي 2021، ومركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، وبرنامج الحكومة الذكية في دبي، ومبادرة تحفيز النمو الأخضر، ومفوضية دبي للإنتاج الإعلامي، ومركز نموذج دبي، وجامعة حمدان بن محمد الذكية، ومبادرة دعم الهوية الوطنية، وجائزة «الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان»، وقبلها جائزة الإمارات للطائرات دون طيار لخدمة الإنسان.

لكننا لا نستطيع في هذا النقاش أن نغفل جانباً رئيساً من اهتمامات سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم الذي يكشف عن شخصيته الإنسانية العظيمة ألا وهو اهتمام سموه ودأبه ورعايته للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة (المعوقين)، بدءاً من حدبه على عدد من مراكز رعاية ذوي الإعاقات الخاصة، ووصولاً بتأسيسه اللجنة العليا لرعاية الأشخاص المعوقين في دبي وحتى توجيه سموه بتنظيم أنشطة وفعاليات ذات قيمة مضافة خاصة بهذه الفئة من أبنائنا مثل مبادرة لتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة على أساسيات التصوير الفوتوغرافي والمبادرة المتفردة عالمياً ألا وهي مبادرة «مجتمعي.. مكانٌ للجميع»، التي تهدف لتحويل دبي بالكامل إلى مدينة صديقة لذوي الاحتياجات الخاصة بحلول العام 2020.

وهذا على كل حال، غيض من فيض سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي ورئيس المجلس التنفيذي، لا أكتبه لأبناء الإمارات فهم يعرفون سموه حق المعرفة، ولكنني أكتبه لتذكير الناسي والجاهل والناكر والجاحد أن في هذه الدولة من الفضل وأهله ما يغنينا عن أموال الدنيا، فبمثل هؤلاء الشيوخ لا يفتقر الناس، ولا يُظلم أهل الدار.

وحين نذكر سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم بما تشهد له به الدنيا من فضل، فلكي نذكر لسموه زهده في الإعلام وتواضعه حتى إن كثيراً من أعماله تتم بعيداً عن الأضواء، منزهة عن التفاخر والتسابق، وذلك ديدن المخلص الذي يضع الله تعالى نصب عينيه، بعيداً عن الدنيا وزخرفها.

أما بعد، فإن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم قامة سامقة وسحابة ماطرة، والعرب تقول: «لا يضير السحابَ نباحُ الـ.. » أعزكم الله!

Email