البعبع الصامت

ت + ت - الحجم الطبيعي

دخل بيوتنا بكل هدوء وتسلل لأجسامنا بصمت. زار الصغير قبل الكبير واستقر عند الذكر والأنثى. وفي سنوات قليلة بدأ يكشر عن أنيابه ويحصد الضحية تلو الأخرى حتى أصبح وباء عالمياً. إنه بعبع زيادة الوزن والسمنة.

آلام الظهر، تآكل المفاصل، ارتفاع مستوى الدهون في الدم، أمراض القلب، والسكري. صعوبة العثور على الملابس، الحصول على أماكن جلوس المناسبة، صعوبة العثور على وظيفة مناسبة. هذا كله قليل من كثير من آثار السمنة ومخلفاتها. إذاً السمنة ليست مجرد مشكلة تجميلية ولكنها مرض مزمن يجب علاجه بالطريقة المناسبة.

هناك العلاجات الرياضية وهناك العلاجات الدوائية. لكن اللافت هو أنه في السنوات الأخيرة ظهرت مجموعة من الجراحات التي تهدف إلى إزالة الوزن الزائد خصوصاً للذين لم تنفع معهم العلاجات المذكورة. من المفاهيم الخاطئة في مجتمعاتنا العربية هي الاعتقاد الشائع أن عمليات تنسيق القوام مثل شد الترهلات وشفط الدهون هي بديل لعمليات السمنة. هناك اختلاف جوهري كبير بين المجموعتين..

حيث إن المجموعة الأولى تنجح مع السمنة الموضعية غير المرتبطة بأي أمراض مزمنة أخرى، حيث إنها تتعامل ظاهرياً مع الدهون السطحية تحت الجلد فقط. بينما جراحات المعدة تؤدي إلى إنقاص الوزن بصفة عامة وتتعامل مع الدهون الداخلية والسطحية، ما يؤدي إلى الشفاء من الأمراض المزمنة.

تتميز جراحات السمنة بالتطور المستمر لضمان الحصول على أفضل وزن مع حياة صحية طبيعية دون مضاعفات، ولذلك يوجد أنواع مختلفة من العمليات، والعمليات المستخدمة حالياً والمصرح بها عالمياً هي:

«بالون، حزام، تكميم وتحويل المعدة، وتحويل الإثني عشر»، ومن العمليات التي ما زالت تحت التجربة عملية «طي المعدة». في عمليات حزام المعدة (ربط) توضع حلقة في أعلى المعدة تؤدي إلى عمل جيب علوي في حجم إصبع الإبهام يقوم بعمل المعدة، فيتم الشعور بالشبع بعد تناول كمية قليلة من الطعام.

وبالتالي يحد من تناول الطعام والشعور بالامتلاء والشبع حتى يتم إفراغ الجيب العلوي. مشكلة هذا النوع من التدخل الجراحي أنه يحتاج وقتاً طويلاً لخفض الوزن، ما يؤدي بالكثير إلى إزالة الحلقة والبحث عن أنواع أخرى. أما عمليات تحويل المعدة فإنها تعتبر المعيار الذهبي لعمليات السمنة، وذلك أنها تؤدي إلى فقد نسبة أعلى من الوزن الزائد مقارنة بالعمليات الأخرى قد تصل إلى 75% وثبات نتائجها على مدى أكثر من 30 عاماً مقارنة بالعمليات الأخرى.

وهناك نوع آخر من العمليات وهو تكميم المعدة (قص)، وهو عبارة عن استئصال 75% من المعدة وتحويلها إلى شكل كم قميص أو موزة فيتم الشعور بالشبع بعد تناول كمية قليلة من الطعام، وبالتالي يحد من تناول الطعام والشعور بالامتلاء والشبع حتى يتم إفراغ المعدة. وهي من العمليات الحديثة الآخذة في الانتشار.

وحذرت الدراسات من أن المريض الذي يقرر إجراء هذه العملية ويعتقد أنه قد حل المشكلة بشكل جذري، فهو واهم. يجب أن نعرف أنه إذا لم يغير المريض من عاداته الغذائية، فإنه يكتسب الوزن الذي خسره بعد العملية مرة أخرى، بصرف النظر عن نوع العملية التي أجراها. وعلى المريض الذي أجرى العملية أن يلتزم ببعض العادات الغذائية مثل مضغ الطعام جيداً وشرب كمية كبيرة من المياه يومياً.

لكن في خضم هذه الدراسات والعمليات يجب أن نتذكر أن طرد هذا البعبع من حياتنا في أيدينا ويتلخص في كلمة واحدة: سلوكنا. وبمناسبة السلوك أسال نفسي وأسألكم:

هل نعيش لنأكل أم نأكل لنعيش؟

 

Email