ثأر محمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

بات واضحاً، للأسف الشديد، أن ما يهدف إليه أهل الإرهاب، أو بعض الذين يدعون الانتساب إلى الإسلام، بأن تكون راية الإسلام، راية دين محمد، خفاقة ومرتبطة بالإرهاب، ودعونا نُسلم، هنا، بأن مدعي الإيمان الذين ارتكبوا ما ارتكبوه، مسلمين أتقياء وأوفياء لمحمد صلوات ربي وسلامه عليه، وأكثر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم بأفعالهم هذه يدافعون عن الدين، فماذا نقول بالمقابل عن التاريخ الإسلامي الذي يثبت عكس نهجهم، تماماً؟!

البعثة المحمدية اتسمت بالكثير من الأذى لرسول الله وأتباعه من سب وشتم وإيذاء، ومع ذلك لم نسمع عن أي همجية كما نسمع ونرى هذه الأيام، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا تَعْجبونَ، كيف يَصرِف الله عَني شَتْمَ قُريش ولَعنهم، يَشْتمون مُذَمّماً ويَلعنون مُذمّماً، وأَنا مُحَمد، (2649: الصفحة أو الرقم - صحيح الجامع: المصدر - الألباني: المحدث أبو هريرة: الراوي صحيح: خلاصة حكم المحدث).

كفار قريش قالوا في ذم الرسول وصحابته قصائد كثيرة، لا نعرفها ولم تصل إلينا، فاندثرت، لأن المسلمين آنذاك لم يعيروها اهتماماً ولم يتناقلوها، فلم تُرفع لها راية، وهذا تاريخ الإسلام الحقيقي وليس من وحي الخيال، وكلنا تعلمنا ذلك في صفوف المراحل الدراسية، أما أنتم فلا أعرف كيف وبأي شكل وعلى أساس أي منهج وصل إليكم، تعلمتم وفعلتم ما فعلتموه. الله وحده يعرف؟!

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه... أميتوا الباطل بالسكوت عنه ولا تثرثروا فيه فينتبه الشامتون، وما حصل الآن أن الشامتين اجتمعوا تحت راية واحدة، وإسرائيل التي كانت منذ أشهر قليلة ماضية، منبوذة العالم، أجمع، بعد حربها الشرسة على غزة التي لاقت دوياً هائلاً، وعمت المظاهرات جميع أنحاء العالم منددة بهمجيتها وساديتها مع ضحاياها من الأطفال، وبين عشية وضحاها وبعد حادثة "شارلي ايبدو" الصحيفة المتخصصة في تأجيج الكراهية في بلد الحرية وحادثة المتجر اليهودي، تبدل الحال.

وأضحت إسرائيل "إرهابية العالم" الحمل الوديع، فجأة، مما يوجب تأمين حماية دور عبادتها! أن تخرج مظاهرة عالمية غير مسبوقة، تضم رؤساء العالم احتجاجاً على الإرهاب، وبمرافقة نتانياهو رئيس أكبر حكومة إرهابية وفي الصف الأول بجانب هولاند، فهذه هي قمة المهازل والشماتة، وكانت النتيجة المتوقعة بعدها، التطاول مرة أخرى على الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحيفة ذاتها، وهذا ما حدث فعلاً.

الإساءة لأي من أنبياء الله وعلى رأسهم رسولنا نبي الرحمة خاتم الأنبياء عليه أفضل الصلاة والسلام بأي شكل من الأشكال مرفوضة، والهمجية والإرهاب وسفك الدماء أيضاً مرفوضة، أيضاً، لأن ذلك لن يضيف إلى رصيد الأمن القومي للأفراد والمجتمعات إلا أصفاراً كثيرة إلى الشمال.

بما فيها أصفار على قلوب ووجدان غير المسلمين، بإشاعة الكراهية لديننا، ووصمه ظلماً بكونه دين عنف وقتل وتهجير، ويكفي ما بات يلقاه المهاجرون العرب في فرنسا وغيرها من مهاجر ومغتربات في عيشهم وحياتهم من صنوف التهميش والكمد.

نحن لا نحتاج أن نأخذ بثأر "محمد" صلى الله عليه وسلم، وإلا لكان الأجدر أولاً بهدر الدم وقتله "أبو جهل" وامرأته، ومن ذاك الذي كان ينادي محمداً مذمماً، فمع كل ما لاقاه رسولنا الكريم والعذاب الذي أصاب المسلمين في بداية البعثة المحمدية ومنهم آل ياسر الذين نُكل بهم وُمثل بأجسادهم، لم يهدر رسولنا الهادي الأمين دم أحد، ولم يأمر أصحابه بعد أن قويت شوكة الإسلام بتصفيتهم جسدياً، لأنهم أساءوا إليه في يوم من الأيام أو نعتوه بالجنون.

حينما أراد الله وصف نبيه الكريم قال تعالى: "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم"، مختصراً كل الأوصاف بِعِظَم جمال الخلق.

 

Email