قمة الروح الإيجابية

ت + ت - الحجم الطبيعي

حملت قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي في دورتها الـ 35، التي احتضنتها العاصمة القطرية الدوحة، دفقاً جديداً، وروحاً تعاونية إيجابية مختلفة، غابت زمناً عن المشهد الخليجي، في ظل المتغيرات التي طالت العلاقات الخليجية الخليجية، ووسط مجموعة من التحديات الإقليمية التي باتت جزءاً لا يتجزأ من المشهد العام.

ولعل المتتبع لقمة الحراك الخليجي في الدوحة، يكتشف القدرة الفائقة على استنبات علاقات خليجية جديدة، تقوم على تكريس الاحترام المتبادل، وتجسير الخلافات وإذابتها وتسويتها، مهما عظم شأنها، فالديناميكية التي شهدناها في أروقة القمة، وفي وجوه الحاضرين من القيادات الخليجية، ربما تختصر على المتابعين والمراقبين المسافات والتأويلات والاستنتاجات، وما تمخضت عنه اجتماعات القمة من قرارات حاسمة.

ومن تابع قمة الدوحة عن كثب، ربما يلمس الاستعداد الخليجي غير المتحفظ المبتعد عن الشكوك، والمنطلق بصراحة وقوة نحو فتح ملفات وإغلاق أخرى، وصولاً لإرساء قمة تاريخية، تعمل بصدق على بث الروح في جسد هذا الكيان، بما تحمله من طاقة إيجابية نحو إرساء نظام خليجي جديد؛ يعتمد مبدأ المكاشفة والمحاسبة والوضوح، ويبتعد عن الاستفزاز مهما علت وتيرته.

إن إعادة صياغة الخارطة السياسية الخليجية الفاعلة والقادرة على خوض غمار المستقبل الذي تتمناه شعوبها، بعد عودة سفراء كل من السعودية والإمارات والبحرين إلى الدوحة، إنما تنطلق من قدرتها في إجماعها على تصويب خياراتها بإطلاق استراتيجية استشرافية لنظام عربي جديد؛ يقارع موازين القوى الإقليمية الحالية، ويصعد بمصر لتلعب دوراً مركزياً أساسياً في ظل اختلال هذه الموازين.

ومن يقرأ المشهد جيداً، يكتشف دون أدنى شك حساسية هذه الفترة من عمر مجلس التعاون، في ظل المتغيرات التي يمر بها، خاصة وأن أخطاراً جديدة باتت تهدد منظومة الأمن القومي الخليجي المشترك؛ بأبعاده الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، وتفرض على الجميع ترتيب البيت الداخلي أولاً، وضخ دماء جديدة ترفع قاطرة المنظومة الخليجية، وتجعلها حاضرة في المشهد، ومتفاعلة على مستوى الأحداث والتحديات.

Email