وداعاً محمد خلف المزروعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

حظيت في العام الماضي بشرف منحي «جائزة الشخصية الاتحادية 2013»، ضمن كوكبة من المكرَّمين من الشخصيات الوطنية، تقديراً لدورهم الوطني الذي يؤدّونه بإخلاص، وكان من بين المكرّمين سعادة محمد خلف المزروعي، وكانت هذه المناسبة أول لقاء جمعني بالأخ «بوخلف».

وقتها جرى بيننا حديث بقي عالقاً في الذاكرة، كان قادراً على أن يأسرك عندما يتحدّث، يكسب بخلقه الجمّ احترام الصغير قبل الكبير، كان رجلاً تشعّ روحه ثقافة وأدباً وفكراً وإبداعاً وتواضعاً، وقد عُرف عنه في الوسط الثقافي إخلاصه في أداء واجباته الوطنية، وبأنه نذر نفسه لخدمة وطنه وقيادته بعيداً عن الأضواء.

محمد خلف المزروعي، للذين لا يعرفونه، هو مستشار الثقافة والتراث في ديوان الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وقد شغل منصب مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، كما شغل سابقاً منصب رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي للإعلام، والذي رحل عنا قبل أيام في حادث سير أليم.

لقد سيطر علينا حزن وأسى عميقان بعد إعلان خبر وفاة الأخ «بوخلف»، أحد أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة البارّين المخلصين، مهندس المشاريع الثقافية الرائدة والنموذجية، وصاحب البصمات الواضحة في الحفاظ على التراث وإحيائه، وأحد أبرز رجالات المشهد الثقافي الإماراتي الذي أسهم في بناء مسيرته وتقدّمه ورفعة شأنه.

ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي يلحظ مدى الحزن الذي خيّم على المجتمع برمّته لرحيله، ويدرك كم كان محمد خلف المزروعي، ذا السمعة الطيبة والسجل المشرف ناصع البياض، محبوباً عند الناس، وكم أن فقدانه يمثل خسارة قاسية لنا جميعاً، وخسارة لثقافتنا.

لكن ما يبعث على الصبر على هذا المصاب الجلل، أن المنجزات التي حققها ستظل شاهدة على إخلاصه ومكانته التي لا شكّ في أنها ستبقى راسخة في قلوبنا، وأن ذكراه العطرة ستبقى مثالاً يحتذى به. صحيح أن منجزاته ستفتقد صاحبها، لكن إرثه الإنساني والثقافي والأخلاقي سيبقى حياً في الذاكرة لا يموت.

وعندما نستذكر مناقب الفقيد، نجده مثالاً في العطاء الموصول بلا حساب، وفياً لقيادته ووطنه، راقياً في تعامله مع جميع شرائح المجتمع.

لقد ودّع «بوخلف» الدنيا صغيراً في عمره، لكنه كان كبيراً في عطائه، وستبقى ذكراه خالدة في ذاكرة الوطن، قامة من قاماته العالية، إحقاقاً لما يستحقه.

وهنا أستميح الدكتورة ميثاء سيف الهاملي، الشاعرة والكاتبة ومستشارة التراث المعنوي في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، في أن أستعير بيتين شعريين منها في هذا المقام:

بين البكا والنوح ووداع عينك

أمسيت يا محمد عليلٍ ومذبوح

يا خوي ليت القلب ما ذاق بينك

وليت المنايا شاورت قبل لا تروح

رحمك الله أخي محمد خلف المزروعي، وأسكنك فسيح جناته، ورزق أهلك وذويك الصبر والسلوان، وعزاؤنا لأسرتك الصغيرة وأسرتك الكبيرة.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».

 

Email