اترك بصمة إنجازك..

ت + ت - الحجم الطبيعي

الكل يردد دائماً على مسامعنا جملة «الحياة قصيرة»، بقصد أن عليك أن تعيشها كما تتمنى وتفعل ما تشاء وتشتهي. وما الحياة إلا محطة والإنسان زائر فليحسن الزيارة، وما أسمى أن يكون للإنسان هدف كأن يُفيد غيره من الناس ويعمل على خدمة وطنه.

كلنا نريد أن نترك بصمة خلفنا ليتذكرنا بها الجميع.. فماذا ستكون بصمتك؟ ماذا لو مُنحت الفرصة لتكون فرداً فاعلاً في مجال تحبه وما عليك إلا أن تثبت جدارتك فيه؟ كيف تريد أن يتذكرك الناس؟ أتود أن يتذكروك باسمك من خلال أعمالك وإنجازاتك، أم أن يتذكروك من خلال أعمال وإنجازات شخص آخر، فيحاولوا أن يجدوا صلة قرابة بينك وبين شخص يعرفونه؟ فتصبح اسماً ملتصقاً كدودة طفيلية على ظهر شخص ذي أهمية!

تمر الأيام سريعة الوتيرة، ويظل الكثيرون كما هم في أماكنهم لم يضيفوا شيئاً على هذه الحياة سوى زفرات الأسى، ينظرون إلى أنفسهم وسنين أعمارهم تطويها الأيام طياً بلا أفعال تخلد ولا إنجازات تذكر، ولا أشخاص يحملون لهم أي نوع من الامتنان.

باختصار، هي بطالة حقيقية! ووسط التخبط بين المظاهر والمعاناة وغياب الحوار، هناك جيل من الشباب يملك طاقات جبارة ومواهب مذهلة تنتظر أن تنفجر، ولكنها تنجرف مع التيار وتتبع ما يمليه عليها المجتمع من ميول، فيبدأ في تسخير طاقاته في أمور عقيمة، ويدور حول حلقة مفرغة لا يعلم كيف يخرج منها. وهذا ما نشاهده في نطاقات العالم الافتراضي وكل ما يحتويه من مشاركات تصدر من عالمنا العربي، فمعظم ما نقدمه للعالم لا يرتقي للمستويات التي نتمنى أن نرى أنفسنا عليها.

لطالما كان شغلنا الشاغل كيفية توظيف طاقات شبابنا في مختلف المجالات، ثم توجيهها لخدمة هدف أسمى وأكبر. والمشكلة الحقيقية تكمن في أن البعض ما عاد يؤمن بقدرات الشباب، فأصبح يحبطهم ولا يأخذهم على محمل الجد، فشريحة كبيرة منهم مستهترة وغير مبالية، وأصبحنا نطبق هذه النظرة على الجميع ظناً أنهم جميعاً هكذا. البعض من الشباب ضائعون بالفعل، ولكن الكثيرين يحتاجون فقط لبعض التوجيه.

الشباب يملكون حماسة عالية، ومنهم من يملك أفكاراً إبداعية، فنظرتهم للأمور مختلفة عن نظرة المسؤولين أو أصحاب الخبرات، فنظرة الشباب لها زاوية لم تصطبغ بعد بفعل المؤثرات الخارجية، وهذه الزاوية مهمة جداً لأنها تعطي أبعاداً مختلفة للمشاريع، وأفكاراً جديداً قلما يستطيع الوصول إليها غيرهم، وهي أمور لن يستطيع رؤيتها المسؤولون أو أصحاب الخبرات.

ولو أخذنا مثالا تخليص معاملة، وتخيلنا شخصين أحدهما شاب والآخر كبير في السن، ينتظران إتمام نفس المعاملة الروتينية الطويلة التي تتطلب 40 خطوة، ويتساءلان لما تأخذ وقتاً طويلاً، فيأتيهما الرد: هي هكذا منذ عشرين سنة. فسيرد كبير السن: لا حول ولا قوة إلا بالله.

أما الشاب فيرد بورقة وقلم ليجد طريقة يقترح فيها اختصار عدد خطوات أداء هذه المعاملة من 40 إلى 18، تحسيناً للأداء ومن باب خدمة المتعامل (بطبيعة الحال لم يتغير شيء، فهم معتادون عليها مثلما هي منذ عشرين عاماً)! ومن الشباب من يقوم بإنشاء مشاريع صغيرة على صفحات الإنترنت.

وتتم مهاجمتهم بشكل شبه يومي من أهاليهم الذين لا يوافقونهم على تضييعهم لساعات النهار أمام هذه التطبيقات، أو من أناس من العالم الافتراضي لا يعرفونهم البتة، يتعرضون لهم ويتهجمون عليهم ويسيئون لهم، وينتقدونهم حتى يصلوا لدرجة الإحباط المزري! يصاب الشباب بالإحباط وهم يقترحون كل هذه التغييرات التي تصب في مصلحة العموم، ولتحسين الأداء ثم يفاجؤون بردود غير مقنعة كهذه، والأكثر مرارة عندما يقترحون بعض الأفكار ويتم انتقادها بشكل لاذع!

توجيه سهام الانتقاد سهل جداً، وأصبح من هواية البعض الانتقاص من أعمال الآخرين والإشارة إلى مواضع الخطأ بغرض تحقير جهودهم. يبحثون عن أي نقطة سلبية في العمل أو المشروع ليثيروا ضجة حولها، وليس بهدف تحسين الشيء

. فيصاب الشباب بالإحباط الشديد، فيتوقفون عن التفكير وعن الأداء وعن التقديم! والشباب المبدعون في المحيط من حولهم يصابون بنفس الداء، فيصابون بعقدة الخوف أيضاً من أن يكون مصيرهم مثل مصير أصحابهم، فلا يجرؤون على التفكير في خوض التجربة أصلاً! ولكن علينا تشجيعهم، فهم وقود الإبداع لمستقبل الغد الجميل.. هم من سيقود عالمنا العربي وينهض به من خلال أعمالهم الرائعة.. الفرص متوفرة لإثبات وجودهم والوسائل كذلك، والإمارات هي البيئة المناسبة لاستضافة كل مبدع!

وهذا هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يطلق مبادرة هي الأولى من نوعها في العالم العربي، وهي كشعلة نور للشباب وكل من يعمل جاهداً ليحدث فارقاً إيجابياً في العالم الافتراضي، بإطلاقه للجائزة العربية للإعلام الاجتماعي، التي تهدف إلى تسليط الضوء على الأفراد والمؤسسات الذين يخدمون المجتمع من خلال القضايا التي تمسه، وتحفز التفكير الإبداعي وتنمي قدرات المجتمع، مما يسهم في بناء الوطن والإنسان.

 الجائزة ترتكز على ثلاثة محاور أساسية، هي التواصل والإبداع والتأثير في مجالات مهمة مختلفة. وما على الشباب إلا اختيار المحاور التي تهمهم والتركيز عليها. لا تخرج من الدنيا كما دخلتها خالياً من الإنجاز، بل تواصل وأبدع واترك أثراً.. اقتنص الفرصة: هذه هي بصمتك..

 

Email