السلطة الاجتماعية وحماية المجتمع

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر الضبط الاجتماعي من الآليات المهمة للتحكم في سلوكيات الأفراد، كما يعتبر من الأساليب المحافظة على النظام والاستقرار، ويتم إما من خلال الأعراف السائدة أو القوانين النافذة، وعندما يبسط نفوذه من خلال الأعراف السائدة وموروثات العادات والتقاليد، يشكل سلطة اجتماعية قوية ذات تأثير مباشر على الأفراد.

وتساهم هذه السلطة في ضبط سلوكيات الأفراد وتشكيل طباعهم، وصياغة الأخلاقيات والميول الاجتماعية والنفسية والعاطفية والثقافية لديهم، كما أنها تنهى عن الانجراف في الضلالة والضياع في متاهات الحياة، وتعمل بشكل تلقائي في إطار المقبول اجتماعياً وضمن المتفق عليه، من خلال آليات وأدوات مختلفة، منها المدح والقبول والدعم المعنوي كوسائل للتوجيه الإيجابي، والنبذ والذم والعزل الاجتماعي كأدوات عقاب.

وتشكل الأسرة اللبنة الأولى في غرس أبجديات الضبط الاجتماعي وإحاطة الفرد بالأعراف والقوانين، وتكملها المدرسة والبيئة الاجتماعية، كما أصبحت وسائل الإعلام والشبكات الإلكترونية من الوسائل المؤثرة في سلوكيات الفرد وقيم الأفراد.

وهناك عوامل أخرى تؤثر في صلابة السلطة الاجتماعية، منها ثقافة الفرد ومدى تقييمه وتأثيره وتأقلمه مع البيئة الاجتماعية وثقافة المجتمع، التي تلعب دوراً محورياً في مدى بسط نفوذ السلطة الاجتماعية.

ومن العوامل المؤثرة، حجم الشبكات الاجتماعية، حيث تمتاز المجتمعات الشرقية باتساع شبكاتها ونشاطاتها الاجتماعية، مقارنة بالمجتمعات الغربية.

كما يأتي دور نسيج وكثافة البنية السكانية في المجتمعات، فنجد مثلاً في بعض الدول أن نسيج البنية السكانية يتكون من عدة جنسيات وجاليات مختلفة، بينما تتميز دول أخرى ندرة وجود وتنوع الجاليات والجنسيات.

ووجود نسيج اجتماعي متباين وملون، يلعب دوراً في تقلص وطأة الضغوط الاجتماعية ويمنح البيئة الاجتماعية نوعاً من الخصوصية والحرية، كما له دور في إثراء ثقافة المجتمع.

وقد نجد أحياناً، للأسف الشديد، مع وجود السلطة الاجتماعية كأداة لضبط سلوكيات الفرد، أن رقعة الفساد تتسع بأشكال متعددة، وقد تأخذ مجراها الساكن أو تزحف بطرق صامتة وساترة لتشغل حيزها، فتبرز أحياناً في العلاقات والمعاملات الاجتماعية والتجارية وغيرها من السبل المختلفة.

كما نجد أحياناً تطبيق السلطة الاجتماعية أدواتها في ظواهر معينة وقصورها في أخرى، فتستخدم أدواتها عند توجيه الأفراد للالتزام بالواجبات الاجتماعية، بينما تقلص دورها حيال معاناة بعض المجتمعات من ظاهرة السلوكيات المزعجة.

وأحياناً قد تسبب الضغوط الاجتماعية تقلص منافذ الإبداع والتعبير عن الذات، وقد يؤدي ذلك إلى انحسار التقدم والتطور، كما تساهم في حصر الشخص في قالب اجتماعي معين، وعندما تتصاعد الضغوط الاجتماعية قد تؤدي إلى اختناق الذات، ويشعر الفرد بأنه أسير اجتماعياً وسجين في بوتقته، وتتولد الصراعات الداخلية، وقد تنتج أعراض نفسية وأمراض عضوية.

لذا من الضروري السعي إلى تحقيق سلطة اجتماعية متوازنة، من خلال الهيئات والمراكز والجمعيات الاجتماعية وغيرها، ومعرفة النظم الاجتماعية الضابطة التي تؤدي إلى تطور المجتمع الإنساني، والحاجة إلى استراتيجية اجتماعية عامة لإعادة هيكلة النظام الاجتماعي، وتنظيم المحيط الاجتماعي وفق متطلبات متقدمة، تأخذ في الاعتبار المتطلبات والاحتياجات الضرورية والعصرية.

وتوفير البيئة الصحية المناسبة للأفراد، مع الحفاظ على شروط وخصوصيات المجتمع، حتى يعمل المجتمع على تحصين أفراده ووقايتهم من تجاوزات وسلوكيات سلبية، وفق شروط ومعايير معينة، مع ضمان حريات وحقوق الآخرين واحترام المبادئ والقيم الثابتة في المجتمع.

 

Email