هكذا أسسها زايد وهكذا تسير اليوم

ت + ت - الحجم الطبيعي

دولة الإمارات قصة نجاح وحضارة وتنمية تستحق أن توصف بالأسطورية، رواها حكيم العرب زايد بن سلطان آل نهيان وأخوه راشد بن سعيد آل مكتوم وإخوانهما، مؤسسو الاتحاد رحمهم الله جميعاً..

 إنها تلك الصحراء القاحلة التي جعلوا منها في فترة قياسية، بعد فضل الله، أيقونة بارزة على خارطة العالم، أيقونة للحضارة والإنسانية والتعايش والتقدم والأمن والاستقرار.. إنها دولة ذات أسس متينة، اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، كانت ستُتعب من جاؤوا بعد مؤسسيها، لولا أنهم بفضل الله تربوا وتتلمذوا في مدرسة زايد، وأصبحوا بذلك خير من يحمل تلك الراية الثقيلة، فها هم يكملون خطوات مسيرة الوالد المؤسس في "اعتلاء القمم"، وها هي الإمارات تصول في كل ميدان.

"الله عطانا خير وأنعام" قصيدة كتبها حكيم العرب زايد، رحمه الله، لكنها ليست مجرد قصيدة عابرة، إنما هي موروث ونهج "يجب" أن تتوارثه الأجيال و"تلتزم" بالعمل به، قصيدة قصيرة اختزل فيها الوالد الباني، رحمه الله، رؤيته وفكره ونهجه القويم، والأسس والمبادئ والقيم الراسخة التي أسس عليها دولة العدل والتقدم، قصيدة حملت حروفها الكثير من الإجابات للباحثين عن أسرار هذا النجاح وهذه النهضة الحضارية التي لا تعرف للطموح نهاية، قصيدة "يجب" و"يجب" ألا تمر على أي منّا دون وقفة متأنية وفهم مستفيض، سواء لمعرفة النهج الذي بُنيت عليه دولتنا، أو لنتعلم على المستوى الشخصي دروس النجاح في مختلف الميادين العملية والاجتماعية، قال زايد، رحمه الله:

"الله عطانا خير وأنعام * يا للي عطانا إيمان وإلهام

واليوم صارت جنة أحلام * قام الوطن بتخطيط ونظام

دولة تطور عز وإسلام * والشعب متهني بالأنعام

هذا جهود أعوام وأعوام * شامخ وفيه ترف الأعلام

ننبذ الذي واشي ونمّام * الله عطانا خير وأنعام

والحمد له واجب علينا * ومن فضله الضافي عطينا

تزهر بفل وياسمينا * زان وتزخرف وبه بهينا

بين الأمم دولة بنينا * وارتاح بهاذي السنينا

ونسعى لمجد له عنينا * ونسعى لصالح المسلمينا

ونترك كلام الواشيينا * والحمد له واجب علينا"

بفطرته السليمة ورسوخ إيمانه بربه، بدأ والدنا قصيدته بالنهج النبوي بأن يبوء بنعمة الله، والإقرار بأن كل نعمة ننعم بها إنما هي فضل من الله أولاً وأخيراً، حين استهل قصيدته بـ"الله عطانا خير وأنعام" وتلا ذلك بحمد الله على هذه النعمة، وها هو يعلمنا أن حمد الله على نِعمه "واجب" يجب ألا نحيد عنه أبداً، حين قال "والحمد له واجب علينا".

ومن ثم يكرر ويرسخ هذا المبدأ، عندما استمر في نسب جميع النعم باختلافها لله، حيث قال "ياللي عطانا إيمان وإلهام"؛ أي أنه حتى ما في قلوبنا من إيمان وإلهام هو بفضل الله وحده، واستكمل بيته بـ"ومن فضله الضافي عطينا"، ليلخِّص بثلاث كلمات فقط نهج الدولة في العطاء، سواء لأبنائها أو لكل محتاج. هذا النهج الذي تأسست عليه الدولة واستمر حتى يومنا هذا، وها هي دولة الإمارات تتربع على قمة الدول المانحة للمساعدات الإنسانية في العالم.

ولم ينسَ هذا القائد الفذ، رحمه الله مجدداً، من خلال تلك الكلمات الثلاث، أن يؤكد أن هذا العطاء أيضاً إنما هو فضل من الله وحده، لنستخلص ما كان يحمله من أخلاق سامية ترفض المنة والرياء.. نعم، لا شك أن التباهي بالذات والمنة هما أولى خطوات التراجع، وتبعات ذلك قد تؤدي بك إلى ما قبل البداية، ولا يمكن لصاحب المبدأ أن ينكر فضل الله، ثم فضل الناس الذين أخذوا بيده "من لا يشكر الناس لا يشكر الله".

"قام الوطن بتخطيط ونظام"، إذاً هكذا قامت دولة الإمارات، ولم يكن للصدفة مكان في قيامها ونهضتها، فبنظرتهم الثاقبة قام زايد وإخوانه المؤسسون بالتخطيط، ورسموا السياسات البناءة، ووضعوا الأنظمة والتشريعات لمختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لتكون هذه الصحراء "جنة أحلام تزهر بفل وياسمينا"، حيث إن الهدف كان مرسوماً منذ البداية، وهو "دولة تطور عز وإسلام".. إذاّ، الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة هو الهدف، والإسلام هو الأساس والمبدأ، أما هذا التطور وثروات ومقدرات البلاد فهي مسخرة لأبنائها، فراحتهم وهناؤهم غاية هذه الدولة "والشعب متهني بالأنعام * وارتاح في هذي السنينا"، ألسنا كذلك؟ صدقت والله، رحمك الله.

وهنا مبدأ آخر قامت عليه هذه الدولة، وهو "العمل" و"السعي" بجد وإخلاص لتحقيق الأهداف وتنفيذ تلك الخطط، فالخطط لوحدها على أوراقها لا تحقق الأهداف، فالطموح يحتاج إلى همم وسواعد تعمل بتفانٍ وتكدح سعياً لتحقيقها. إذاً، المجد يتطلب السعي الحثيث لتحقيقه "هذا جهود أعوام وأعوام * ونسعى لمجد له سعينا".. نعم، خططنا لهذه الإنجازات وسعينا أعواماً عديدة لتحقيقها وتحقيق المجد الذي رسمناه لأنفسنا، ولم يأتنا أي شيء صدفة، ولا أمجاد تأتي على أطباق الذهب.

أما السياسة الخارجية فقد لُخِّصت بشكل واضح في ثلاث كلمات أيضاً، وهي "خدمة الإسلام" والانحياز لذلك، حين قال "ونسعى لصالح المسلمينا".

ولا نجاح بلا أعداء، إنها سنة الحياة.. لذلك علمنا الوالد، رحمه الله، في ختام قصيدته، درساً آخر وهو منهجه الحكيم في التعامل مع هؤلاء، فعدو النجاح "يُنبذ" وكلامه وفعله "يُترك"، ويتجلى ذلك في البيت الذي قال فيه، رحمه الله، "ننبذ الذي واشي ونمّام * ونترك كلام الواشيينا"..

وإلى يومنا هذا كم هي جلية وواضحة حكمة قيادتنا في التعامل مع أهل الفتن، ودرء شرورهم ونبذهم وترك فتنهم، لينعم هذا الشعب وكل مقيم على أرض الإمارات الطيبة بهذا الرخاء والاستقرار والأمن والأمان، ولتكون الإمارات محط أنظار العالم بأسره، وكلٌ يتمنى العيش على أرضها، حفظها الله وقادتها وشعبها من كل سوء.

Email