مكافأة الصينيين بزيارة الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الدوافع والمكافآت هي من بين المحفزات التي تدفع الموظفين للعمل بجد، وترتقي بعملهم الوظيفي في المؤسسة. وجود نظام الدوافع الملائم والعادل، يحث العاملين على الإنجاز، ويزيد شعورهم بالانتماء المؤسسي، وولاءهم للمؤسسة بشكل كبير، ويدفعهم إلى العمل بكامل قواهم، فتزيد إنتاجيتهم وكفاءتهم، لتحقيق الأهداف المرجوة منهم.

الدوافع والمكافآت كثيرة ومختلفة، فمنها فرص الترقية والتقدم الوظيفي، ومنها إشراك الموظفين في اتخاذ القرارات، ومنها توسيع نطاق الأعمال والمشاريع والمسؤوليات، ومنها ما يتعلق بتقدير جهود العاملين.

ومن المهم أن تكون الحوافز مرتبطة بأهداف عمل المؤسسة، وأن تتسم بالعدالة والمساواة، وأيضاً أن تكون مساوية لقدر المجهود، الذي يتم بذله من الفرد أو من المجموعة. المكافآت تمنح لمن يقدم أداءً متميزاً يتخطى المعايير الموضوعة، نظراً لتفانيه ومثابرته في العمل.

مما استرعى انتباهي مؤخراً في ما يخص تقدير جهود العاملين، هو ما قامت به الشركة الصينية «نو سكين» التي تحتفل حالياً بذكرى تأسيسها الثلاثين، حين قامت بمكافأة 16,000 من موظفيها المتميزين، من تايوان، وهونغ كونغ، ومكاو الصينية، عن طريق تنظيم رحلة سياحية لهم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، لأدائهم المتميز في العام 2013، الذي شهدت الشركة فيه أرباحاً، فاقت ثلاثة مليارات دولار.

رأت «نو سكين» أنه من الضرورة الإشادة بأهم عنصر لنجاحها المبهر، وهم موظفوها. سيصل الموظفون المتميزون إلى دولة الإمارات على متن200 طائرة، من ضمنها طيران الاتحاد، والإمارات، وسيشغلون ما يفوق 39,000 غرفة فندقية في مختلف الإمارات، وخاصة في أبوظبي، ودبي، والشارقة، في رحلتهم السياحية.

لم يكن اختيار الإمارات وجهة سياحية محض صدفة، بل كان بفضل مجهودات جبارة من فريق تعاون وعمل جاهداً على مناقصة، وقدمها لشركة «نو سكين» الصينية.

قدم مكتب أبوظبي للمؤتمرات التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ومكتب دبي للمؤتمرات والفعاليات التابع لدائرة السياحة والتسويق التجاري، مناقصة للشركة لاستضافة 6,000 شخص، وكانت تنافس في ذلك مدناً عالمية، مثل مكاو الصينية، وسيؤول في كوريا الجنوبية، وسنغافورة، وبعد المفاوضات مع شركة «نو سكين» والاستمرار في تقديم العروض السياحية، ارتفع عدد الأشخاص ليصل إلى 16,000 شخص، ورست المناقصة على دولة الإمارات، لتستقبل بذلك أكبر رحلة سياحية تسجل في التاريخ.

فوز الإمارات هو فوز آخر استحقته الدولة، لأنها أثبت جدارتها على صعد كثيرة، فهي تملك البنية التحتية العظيمة والتقنيات المتطورة، ومعالم سياحية متنوعة، وبرامج ترفيهية مميزة، كانت سبباً وراء اختيارها، إضافة إلى كفاءة فريق العمل الذي كان سبباً في إقناع شركة «نو سكين».

العرض الذي قدمه فريق العمل، تضمن رحلة سياحية إلى أهم المعالم السياحية في أبوظبي، ودبي، والشارقة من ضمنها جامع الشيخ زايد الكبير، حلبة مرسى ياس، عالم فيراري، برج خليفة، دبي مول، منطقة البستكية، نخلة جميرا، وخور دبي.

زيارة السياح الصينيين إلى الدولة تطلبت تنظيماً جباراً، نظراً لحجمهم ولعدد المعالم السياحية، التي سيزورونها والبرامج الترفيهية المعدة لهم، ما يتطلب تنسيقاً دقيقاً وتعاوناً بين المؤسسات السياحية في مختلف الإمارات المعنية، وبين جميع الجهات والمؤسسات الأمنية المسؤولة عن التنظيم والتنسيق للفعاليات، لتوفير الخدمات التي تعكس المظهر الحضاري الرائع الذي يمثل دولة الإمارات.

وهذا ما رأيناه فعلاً خلال زيارة الوفد الصيني، ما عزز مكانة الإمارات على الساحة الدولية، وجهة سياحة آمنة وراقية وحضارية.

ومما أثار انتباهي أيضاً، أن زيارة مجموعة شركة «نو سكين» إلى دولة الإمارات، أتت بعد أسابيع من تغريم السلطات الصينية للشركة بمبلغ نصف مليون دولار، حول بعض المعايير في الأساليب التي تتبعها في المبيعات بالتجزئة، ولكن ذلك لم يردعها عن القيام بالرحلة وتنفيذ التزامها نحو موظفيها بالمكافأة.

«نو سكين» ضربت مثالاً رائعاً لمؤسسة قامت بتكريم موظفيها المتميزين والمبدعين، بشكل مادي ومعنوي، بتسيير رحلة جماعية أسهمت في تقوية روح التعاون بينهم، وبشكرهم في العلن والثناء عليهم من خلال الإعلام، بطريقة غير مباشرة عن طريق كل التغطيات الصحافية للحدث.

ما ينقص الكثيرين هو غياب الدوافع والحوافز لأداء العمل، فهي لها الأثر الأكبر في فتح آفاق جديدة وتحقيق طموحات الأفراد. لا يمكن التقليل من أهمية الشكر والثناء ومكافأة كل من يستحق ذلك، وكثير منه لا يتطلب إلا القليل من المجهود. ليس على المؤسسات أن تنظم رحلات لموظفيها إلى أوروبا أو الصين، فلتبدأ بتقدير الأشخاص بقول «شكراً وبيض الله وجهك».. هي كلمات بسيطة، ولكن لها مفعول سحري.

 

Email