آثرت الكتابة عن القمة الحكومية بهدوء بعد انقضاء الزخم المصاحب لها، وذلك لأن القمة الحكومية ليست حدثاً عادياً عابراً يمر مرور الكرام بعد انفضاض الفعاليات، فالقمة منعقدة وإن توقفت ورش العمل وغادرت الوفود، إلا أن ورش العمل الوطنية لم تتوقف، وأبناء الوطن لا يزالون يعملون عليها هنا وهناك؛ فالقمة الحكومية مناسبة لها ما قبلها وما بعدها.
القمة الحكومية 2014 لها ما قبلها من حيث ارتباطها بالقمة الحكومية الأولى 2013، ونتاجها من الدروس المستفادة في التنظيم وحجم ونوع ومستوى المشاركات، وكذلك قياس أثر انعكاس القمة الأولى على العمل الحكومي الاتحادي والمحلي في دولة الإمارات، ومدى الاستفادة من المحاضرات وورش العمل والتوصيات؛ فالقمة الحكومية الثانية هي حلقة من حلقات التحسين المستمر للعمل الحكومي في دولة الإمارات.
القمة الحكومية 2014 لها ما بعدها من حيث ارتباطها بالأجندة الوطنية رؤية الإمارات 2021، فالأجندة الوطنية هي بمنزلة خطة استراتيجية للحكومة، لا بد أن تتكامل كل الجهود والفعاليات الاتحادية والمحلية للعمل عليها وتحقيق أهدافها وبلوغ مستهدفات أدائها؛ ولذلك تزامن مع القمة إطلاق سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، مبادرة «حكومة دبي نحو 2021» التي تهدف إلى حكومة ذكية ومرنة ومضيافة، ذات منصة واحدة ومركز اتصال واحد، كما تهدف إلى متعامل ذي تجربة خاصة متميزة، ورقم تعريفي حكومي واحد.
وقد تسلم كل موظف حكومي في دبي بريداً إلكترونياً من سمو الشيخ حمدان بن محمد، يتضمن موجزاً عن المبادرة، ودعوة للعمل عليها واللحاق بركبها. كما تزامن مع القمة إطلاق سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد عجمان، استراتيجية عجمان 2021 التي تهدف إلى مجتمع سعيد يسهم في بناء اقتصاد أخضر، تحفزه حكومة منسجمة مع روح الاتحاد.. والبقية تأتي.
القمة الحكومية 2014 لها ما بعدها من حيث ارتباطها بالقمة التالية 2015؛ ولذلك وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بأن تتوسع الدورة المقبلة من القمة الحكومية في استضافة مختلف الحكومات العالمية، وترسيخ مكانة الإمارات عاصمة عالمية للإبداع الحكومي، والتركيز على مناقشة خدمات الأجيال الجديدة من حكومات المستقبل. كما وجه سموه بالبدء في الإعداد لها من الآن، وفق رؤية أوسع وأشمل وأكبر، لتشكّل حدثاً متخصصاً في تطوير الحلول الإبداعية في الخدمات الحكومية، وكيفية مواكبة التطورات العلمية المتسارعة بطريقة مذهلة، لتطوير نماذج متقدمة من الخدمات الحكومية المستقبلية.
القمة الحكومية 2014 لها ما بعدها من حيث إن العاملين عليها لم يهنأوا بنجاحها، إلا وهم يستعدون للقمة التالية التي ستتضمن معرضين مرافقين، إضافة إلى جائزتين عالميتين؛ المعرض الأول هو معرض الخدمات الحكومية الدائم الذي سيتم خلاله استعراض الجديد في الخدمات الحكومية على المستوى العالمي، والمعرض الثاني هو معرض الخدمات الحكومية المستقبلية، وهي الخدمات التي يتوقع إطلاقها خلال العقود المقبلة بناء على الثورة المعلوماتية والتقنية المستقبلية.
أما الجائزتان، فالأولى هي الجائزة العالمية لاستخدام تقنية الطائرات بدون طيار في الخدمات الحكومية. والجائزة الثانية هي جائزة الخدمات الحكومية الذكية التي سيتم تكريم الفائزين فيها على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
قمة لها ما بعدها؛ شخصياً أتوقع للقمة الحكومية مستقبلاً باهراً في السنوات القليلة المقبلة، كما أتوقع أن يزيد الزخم المرتبط بها، فتصبح حدثاً عالمياً تتنافس الدول والحكومات في استضافته، ويكون للإمارات ولدبي شرف السبق، فتنطلق منها شعلتها، وتكون لها بمنزلة أثينا للألعاب الأوليمبية؛ وهذا لن يتأتى إلا بالعمل الدؤوب المخلص لضرب المثل للعالم بالأداء الحكومي البالغ التميز في تقديم الخدمات، وفقاً لرؤية الإمارات 2021، وما يتفرع عنها من مبادرات واستراتيجيات.
من هنا فقط، وباستمرار انعقاد القمة، يتطلع العالم إلى تجربتنا: قمة أصحاب الهمم ودولة الرجال والقادة صناع الأمل والحياة والمستقبل وإسعاد الناس، كما عبّر عن ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في كلمته في ختام القمة بقول سموه «إنها قمة الهمم.. قمة أصحاب الهمم، وأنا سعيد بأن دولتنا لديها فريق عمل واحد هو الأكبر والأفضل، طلابه رجال.. وموظفوه قادة.. وهدفنا في دولة الإمارات هو صناعة الأمل، وصناعة الحياة، وصناعة المستقبل، وإسعاد الناس».