دبي 2021

ت + ت - الحجم الطبيعي

الزمان: فبراير 2021، المكان: مدينة دبي - الإمارات..

بدأت أشعة الشمس تتسلل بهدوء إلى أروقة الغرفة، معلنة عن يوم جديد، وشرع النوم يلملم نفسه للمغادرة، ففتحت عيني لهذا اليوم وشكرت الله على نعمة الحياة.

انطلقت إلى استقبال زميلي الزائر في مطار آل مكتوم الدولي.. خلية نحل وعمل دؤوب كان يلف جنبات هذا الصرح العالمي، والذي من دونه ينقطع الاتصال بين الشرق والغرب.

شكرني صديقي الأوروبي على حسن الاستقبال، وكله لهفة وشوق لحضور القمة الحكومية التي أصبحت منذ عام 2013 ملتقى العقول الاستثنائية والأفكار الإبداعية.

هل نحن في البندقية؟ قالها الضيف بكل انبهار وهو يرى المراكب تبحر في القناة المائية من أمام شرفة الفندق.. إحساس بالسعادة غمرني حينها، وتذكرت عندما كان المشروع مازال في طور التخطيط قبل سنوات. والآن أصبح الخليجان مترابطين؛ التجاري مع العربي، مؤكدين بذلك انعدام وجود كلمة مستحيل في قاموس دولة الترابط والتوحد.

وصلنا إلى كورنيش الجميرا لتناول طعام الغداء، وبينما نحن كذلك أخرجت هاتفي الذكي للسؤال عن ابني المريض، وكانت المفاجأة، لا يوجد شحن في البطارية! توجهت لإحدى محطات شحن الهواتف المنتشرة على جانب الكورنيش، والتي تعمل بالطاقة الشمسية.. وضعت الهاتف على السطح المخصص، وما هي إلا دقائق حتى عادت الحياة للهاتف.

ما يميز الإمارات وحكامها هو بعد النظر، وتنويع مصادر الدخل. من هذا المنطلق تم الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وجعلها في خدمة الوطن والمواطن.

كان التواصل مع ابني المريض عن طريق خدمة الفيديو، وبنسبة وضوح تعكس جودة الألياف البصرية المستخدمة. استثمار آخر وبنية تحتية لا تقل أهمية في تيسير سبل الحياة، وجعل التواصل شريان الحياة في مدينة السعادة.

بعد الانتهاء من وجبة الغداء، أخذت الضيف الكريم لمضمار المشي على الكورنيش. تناولت الهاتف الذكي مرة أخرى من جيبي، والذي أصبح الرفيق الدائم لي في حلي وترحالي، ودخلت في تطبيق الصحة الذكية، وقمت بتشغيل برنامج عداد المشي..

وبينما نحن نمشي التفت إلي الضيف مشتكياً من صداع خفيف ودوخة. بدأت في طرح الأسئلة المختلفة، واستخدمت مهاراتي كطبيب أسرة لمعرفة السبب. ازداد الصداع، فقررت التواصل مع الاختصاصي. أخرجت الكمبيوتر اللوحي وفتحت إشارة الاتصال اللاسلكي «واي فاي»، واخترت شبكة كورنيش الجميرا لتفعيل الخدمة. نظر لي الضيف باستغراب، متسائلاً من أين أتى الـ«واي فاي» عند البحر؟ تبسمت وأشرت لأحد أركان الممشى، والذي يحتوي على مجسات خاصة، وهي واحدة من عشرات النقاط الساخنة «هوت سبوت» المنتشرة في أرجاء المدينة لتغطيتها بخدمة الإنترنت المجاني!

بدأ الاختصاصي في طرح المزيد من الأسئلة، وهو ينظر بتمعن عبر شاشة الكمبيوتر اللوحي. طلب مني إرسال قراءات ضغط الدم ونبضات القلب الخاصة بالضيف إليه. أخذت بيد الضيف وتوجهنا لأحد الأكشاك القريبة. أخرجت بطاقة الهوية ووضعتها على الماسح الضوئي عند مدخل الكشك، لقراءة رقم البطاقة الصحية وفتح باب الكشك. أصبحت بطاقة الهوية بوابة العبور لجميع الدوائر، والمفتاح السحري لجميع المعاملات.

دخلنا الكشك، وهو عبارة عن غرفة صغيرة مجهزة ببعض الأجهزة الطبية الإلكترونية. بعد قياس الضغط والنبض تم إرسال القراءات عبر الهاتف الذكي، والذي التقط النتائج بمجرد ظهورها. كان سبب الأعراض إنهاك السفر ونقص في سوائل الجسم. رجعنا إلى الفندق، وما زال الضيف يشكر ويثني على ما رأته عيناه من تسهيلات تحقق هدف العلم الأسمى، ألا وهو سعادة الإنسان في كل زمان ومكان.

انقضت أيام القمة، وأتى وقت الرحيل. أوقفت السيارة عند بوابة المغادرين لتوديع الزائر الكريم، وإذا به يلتفت مؤشراً على مجموعة من المباني المتلاصقة بجانب المطار، متسائلاً: «ما هذه المباني؟».. «نسيت أن أخبرك، هذا معرض إكسبو.. سينتهي بعد أيام قلائل!».

 

Email