وقت ظهور هذه الكلمات للنور يكون هناك حبر كثير قد سال على الورق في شأن الحرب الإرهابية التي تشن على مصر في الداخل، من قبل أطراف أقل ما توصف بأنها خائنة وعميلة، ولهذا ربما كانت هذه السطور محاولة لإلقاء الضوء على المؤامرات الخارجية التي تحاك ضد مصر، لاسيما تلك التي تدبر لها داخل أروقة البيت الأبيض الذي بات مخترقاً إخوانياً من قبل صفوف الجيل الثالث من الإخوان المسلمين.

آخر فصول تلك المؤامرة كان قرار البيت الأبيض باستثناء مصر من قمة أميركية أفريقية تضم 47 دولة ستشهدها العاصمة الأميركية واشنطن وهو ضرب من ضروب العمل على تحجيم مصر وخنقها في إطارها الإقليمي الجغرافي ودورها على الصعيد الدولي.

هل في الأمر صدمة أو مفاجأة لمصر والمصريين؟

بالقطع الأمر يعبر حدود الدعوة واللقاء إلى النوايا والطوايا التي تحملها إدارة أوباما لمصر بعد الثلاثين من يونيو، فقد أفسد المصريون المخطط الاستراتيجي الأميركي الكبير الخاص بخلق الشرق الأوسط الإسلامي الراديكالي، ذاك الذي يتناحر مع بعضه البعض ويفكك نفسه بنفسه، ويضحى كمركز جذب لكل القوى الإرهابية التي كانت تملا أوروبا وأميركا.

من يزخم إدارة أوباما في إدارة تلك الحرب تجاه مصر في الجهر والسر؟

حتماً هناك طابور ثالث هذه المرة، وليس طابوراً خامساً يمارس تأثيراته على إدارة أوباما وقد فعل من قبل من إدارة كلينتون.

انه جيل ثالث من الإخوان المسلمين يتعاطى الأدوات العلمية الحديثة في التخطيط والتفكير للوصول إلى نتائج بعينها بطريقة علمية مدروسة وليست عشوائية أو عاطفية، جيل له مظهر ومخبر مغاير لما جرت به صورة الإخوان التقليديين.

منذ بضعة أيام كشفت وثيقة حديثة صدرت عن وزارة الخارجية الأميركية أن إدارة أوباما أدخلت وفداً إخوانياً للولايات المتحدة في أبريل 2012 بشكل استثنائي لا يمنح إلا لرؤساء الدول وكبار الزائرين الرسميين، مخالفة بذلك الأعراف والإجراءات المعمول بها في إدارة الهجرة والجوازات الأميركية. هل هي الازدواجية الأميركية المعهودة؟

بل أكثر بكثير فبعض من هذا الوفد تلاحقه تهم جنائية داخل أميركا، وغيرهم ممن وضعت أسماؤهم على قوائم الجهاديين الممنوعين من دخول البلاد، لكن شخوصاً بعينها تتلاعب بمقدرات أوباما وكيري عملت ولا تزال على احتضان هذا الفصيل من إجل الإخلال بالاستقرار المصري. ماذا عن هؤلاء الشخوص؟

ربما يتحتم علينا العودة أولاً إلى جذور اختراق الإخوان المسلمين للبيت الأبيض، وقد جرى ذلك عبر رمضان سعيد البنا صهر حسن البنا مؤسس الجماعة وزوج ابنته وفاء، والذي التقى على رأس وفد من إخوان العالم العربي والإسلامي الرئيس الأميركي دوايت إيزنهاور في أوائل صيف 1953، ومنذ ذلك الوقت بدأت رحلة التلاعب المشترك بين الطرفين.

كانت واشنطن تستغل الإخوان كفصيل ديني متشدد في مواجهة المخاوف من المد الشيوعي في العالم العربي، وكان الإخوان يخططون للاستفادة من الإمبراطورية الخارجة من الحرب العالمية الثانية كقطب دولي منتصر.

ثم كان الجيل الثاني المتمثل في بن لادن والظواهري وتنظيمهم في أفغانستان لدحر الاحتلال السوفييتي، وصولاً إلى الجيل الثالث الذي يعمل الآن بعزم وحزم بجوار أوباما، والذي بدأت أسماؤه تتكشف رويداً وإن كانت معروفة.

في ندوة عقدت أخيراً في واشنطن لمناقشة مذكرات روبرت جيتس وزير الدفاع الأميركي الأسبق والتي صدرت تحت عنوان "الواجب: مذكرات وزير في الحرب"، تحدث الجنرال الأميركي "توم ميكلنركي" والذي شغل منصب مساعد نائب رئيس أركان الجيوش الأميركية، عن ما أسماه التواجد الواضح للإخوان المسلمين في قلب إدارة أوباما.

وقد أشار إلى قائمة تحمل نحو 10 أو 15 اسماً وفي مقدمتهم "هوما عابدين" تلك التي تقربت وتوددت لآل كلينتون واعتبرت واحدة من العائلة وتزوجت أخيراً من يهودي أميركي وعقد قرانها في منزل كلينتون في ضواحي نيويورك، وهي مولودة لأب هندي وأم باكستانية مسلمان، ونجح التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في زرعها في قلب إدارة أوباما.

هناك أسماء أخرى من نوعية داليا مجاهد الباحثة في معهد جالوب لاستطلاعات الرأي وكان لها دور واضح في إدارة أوباما الأولى تجاه بلورة رؤية أوبامية لاحتلال الإخوان والإسلام السياسي مقاعد الحكم.

عطفاً على ذلك هناك "محمد الإبياري" الذي تربطه هو الآخر علاقات قوية بجماعة الإخوان، وهو عضو في المجلس الاستشاري لوزارة الأمن الداخلي في الولايات المتحدة الأميركية.

أما الطامة الكبرى فأشارت إليها صحيفة "أميركان ثينكر" وتتعلق بـ "ميشال أوباما" زوجة الرئيس الأميركي التي تتعامل مع منظمة الإغاثة الإسلامية بالولايات المتحدة والتي تضم أعضاء ظاهرين غير مستترين من جماعة الإخوان.

هل لهذا كان القطع من قبل الإدارة الأميركية بأنها لا تدرس أو حتى تناقش احتمال أن تصنف الحكومة الأميركية جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية ورأت أن الحكومة المصرية ذهبت إلى مدى بعيد جداً في حملتها ضد الإخوان؟

تتجاهل إدارة أوباما دماء المصريين التي أريقت الأيام الماضية غير أن السؤال هل بات قدر مصر المقدور في المدى المنظور المتبقي من حكم أوباما هو مواجهة تلك المؤامرة؟

الجواب قبل أن يكون في حاجة لتنادي مصر داخلي هو في حاجة لوقفة عربية طارئة وعاجلة قبل أن تجتاح المؤامرة الأمة برمتها.