في الوقت الذي يتركز الجدل فيه حول الميزات المادية الكبيرة التي تملكها الإمارات، والتي بها تستطيع المنافسة وترجيح كفتها للفوز بإكسبو 2020، تبرز لدينا أيضاً مقومات أخرى غير مادية، ربما تضيف ثقلاً في الميزان بحيث تجعله ينحرف تجاه جعل دولة الإمارات هي الدولة الفائزة في هذه المنافسة.

تركز الجدل حول ترجيح كفة الإمارات للفوز بإكسبو 2020 في معظمه، في أن الإمارات لديها الكثير من المقومات التي تجعلها مؤهلة للفوز في هذه المنافسة، على صعيد البنى التحتية ونوعية الخدمات والموقع الجغرافي، والكثير من الميزات المادية التي تؤهلها لأن تستضيف مثل هذا الحدث. وكل هذه من المقومات التي تلعب دوراً رئيساً في المعايير التي توضع للدول المتقدمة للمنافسة..

لكنها ليست المعايير الوحيدة التي ننافس بها. فالإمارات ربما تقدم للعالم أيضاً، ومن خلال الفوز بهذه المنافسة، نموذجاً آخر للحياة ربما لا يقاس في النواحي المادية، لكنه يشكل رصيداً مهماً على صعيد الحياة الإنسانية وقيمها وجوهرها، وهي أشياء أصبح يفتقر إليها الكثير من دول العالم.

إن الذي يقترب من تجربة الإمارات اليوم، وتجربة المدينة التي تسعى لاحتضان إكسبو 2020 وهي دبي، يرى نموذجاً تتجسد من خلاله قيم أصبحت هي التي تحتل اليوم مكانة مهمة على صعيد الفكر الإنساني، وأهم هذه القيم تجسيد إيجابية الفكر وإيجابية النظرة للحياة.

إن الكثير مما تحقق في دبي، تحقق لأن هناك من حلم وعرف أن الكون يتواطأ مع الإنسان لتحقيق أحلامه، وأن التفكير الإيجابي هو الوسيلة أو العربة الأساس التي تقود الإنسان لتحقيق أحلامه. وهذه أمور تجسدت لدينا في شخصية قيادية هي شخصية الشيخ محمد بن راشد، وهو نموذج يضيف للعالم سمات يحتاجها كثيراً للوصول إلى ما يحلم به الكثير من الأمم.

جانب إيجابي آخر يتجسد في الإمارات، ويلعب دوراً مهماً في تحقيق مكانة مرموقة لها في مصاف الدول، ألا وهو سعيها لتحقيق السلم والأمن العالميين. إن الذي يقرأ في تاريخ الإمارات، منذ تأسيسها، يدرك أن قادتها لم يتحيزوا يوماً لتعزيز الصراعات في العالم، وإنما كانوا دوماً دعاة سلام، وبذلوا الكثير لتحقيق هذا الحلم للبشرية. ولأن الفقر والحروب أصبحا سمة أساسية في حياة الكثير من الشعوب، فإن تقديم نموذج سعى لمحاربتهما، لا شك يعلي من مكانة دولة الإمارات في العالم.

النموذج المهم الآخر الذي تجسده الإمارات، وهو نموذج يعني الكثير في هذا الزمن المليء بالصراعات الدينية والمذهبية والعرقية، أنها تقدم للعالم صيغة للحياة تمثل احترام الاختلافات فيها القاعدة وليس الاستثناء.

فدولة الإمارات قامت على إرث كانت الاختلافات فيه حاضرة دوماً، ودوماً كانت في محل التعايش المنسجم، ولم تكن سبباً أساساً للصراعات مما يجعلها واحدة من الدول المهمة التي تقدم نموذجاً إيجابياً للتعايش بين البشر. كما أنها تقدم للعالم أيضاً، من خلال تبنيها لهذه القيم، الصيغة الجوهرية لقيم الإسلام القائمة على العدل واحترام الإنسان، وهي صيغة نحن أحوج ما نكون إليها في هذه المرحلة التاريخية التي تشهد تشويهاً كبيراً للإسلام، ليس من أعدائه فقط، بل من بعض أهله أيضاً.

لذا فإن الصورة الإيجابية التي تقدمها الإمارات للعالم اليوم، تقدم أيضاً من خلالها النموذج الإيجابي للفكر الإسلامي في الكثير من جوانبه الحياتية المهمة.

إن كل هذه الميزات التي ذكرتها، والتي تمثل جزءاً مهماً مما يشكل طبيعة هذه الدولة، تجعل الإمارات نموذجاً من النماذج المهمة في العالم، والجديرة بالفوز في هذا التنافس، فعسى أن نكسب حلماً آخر.