مثل غد .. قبل 1435 عاماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

1435 عاماً مضت وربما نحن في حاجة إلى 1435 عاماً أخرى لكي نفهم قليلاً مغزى هذه الهجرة النبوية الشريفة والتي غيرت تاريخ البشرية، ومثلها من السنين لكي نبدأ من العام الهجري رقم (1).

قرابة الواحد ونصف مليار مسلم يأتون في الدرجة الثانية بعد المسيحية من حيث العدد، ومساحة جغرافية خرافية وتاريخ مليء بالأحداث، ودستور قلب رأساً على عقب النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعلمي لأمة كانت تعيش في قمة الفوضى والجهل ليجعلها خير أمة أخرجت للناس. وكل ذلك تم على خطى رجل واحد لا يعرف القراءة ولا الكتابة.

1.5 مليار من المسلمين. وهناك مسلمون في شتى أنحاء العالم لم يشملهم التعداد ناهيك عن أولئك الذين نطقوا بالشهادتين فيما بينهم وبين أنفسهم بعدما تحققوا من معجزة الإسلام ومن عدالة الإسلام ومن تسامح الإسلام.

1,5 مليار مسلم، هذا العدد لم يأت من فراغ، فهم نتيجة عبقرية اسمها محمد (صلوات الله وسلامه عليه) حصلت قبل 1435 سنة. وما زالت هذه الأمة التي بدأت برجل ثم اثنين تتوسع وتكبر من حيث العدد. ولكنها اليوم تواجه مصاعب كثيرة ومحزنة فيما يتعلق بالكيف.

عندما يغلب العدد الكيف فهذا يعني أن هناك مصيبة ما خلف هذا الاختلال في التوازن. والقرآن وضع هذا المبدأ منذ أكثر من 1435 عاماً عندما حدثنا عن الفئة القليلة التي غلبت فئة كثيرة بإذن الله.

هل نحن كمسلمين، متخلفون عن العالم؟ نعم. بل نحن خاسرون.

أولًا، لم نعد تلك القوة العظمى التي يُحسب لها ألف حساب؛ هناك 57 دولة أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي. مع هذا لم يعد المليار ونصف المليار مسلم يخيفون أحداً بل أصبحوا يخافون بطش دول كانت في زمن قريب تهاب وتحترم وتطلب حماية (الإسلام). فأمسينا اليوم نطلب حمايتهم ونشعر بالرعب إن ألمحوا إلى فراقنا ومنحنا الحرية لتقرير مصيرنا. والسبب؟ أننا تحولنا مع الوقت إلى فرق وشيع وأحزاب ودول تتقاتل فيما بينها ولكل فئة مسلمة رايتها ولكل حزب خطيبه ولكل مذهب حرسه.

ثانياً، الأمة المسلمة أمة لا تصنع ولا تنتج. وواحدة من مبادئ القرآن الكريم دعوته للمسلمين إلى العمل وبالتالي إلى الإنتاج والتنمية؛ (وقل اعملوا)! إنه أمر إلهي لا جدال فيه. نحن لا نعمل؛ نحن نستهلك نتاج جهد وفكر الآخرين من غير المسلمين في الشرق والغرب..

وفي الوقت الذي ندعم من خلال اعتمادنا عليهم صناعاتهم ونساعد على تقوية اقتصادهم ومكانتهم وقوتهم، نحول طاقاتنا البشرية والفكرية إلى عقلية المستهلك المدمن الخامل، ومواردنا الطبيعية نبيعها عليهم برخص التراب ليعاد تصديرها إلينا بسعر الأحجار الكريمة. كل هذه الدول الإسلامية وهذا العدد لا ينتج صناعة يكتب عليها: صنع في دولة إسلامية.

ثالثاً، تحولنا من شعوب مدنية متحضرة إلى معسكرات قتال ومعارك وصراع على النفوذ. ولا داعي لتكرار أمثلة العراق وسوريا ولبنان وباكستان وإيران وأفغانستان واليمن وغيرها من الدول التي لم تقم لها قائمة. لقد غرسنا في أذهان أبنائنا فكرة المذهبية والطائفية والتكفيرية (بدلًا من التفكيرية) وغيرها من الأوهام التي لا تبنى على أساس شرعي. و

كل فئة منا تدعي أنها على حق وأنها الفائزة بالجنة والأخرى على باطل ومصيرها النار ولا بد من تعجيل ذهابها إلى هناك على أيدينا. وأصبحنا نعطي لأنفسنا ــ دون أن يعطينا الله ذلك الحق ــ في قتل كل من يخالفنا الرأي ودون السماح له بالدفاع عن نفسه وبدقيقة من الحوار الذي قد يكشف زيف ما نظن أنه الحق؛ ترى لو تبنى النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، هذا المنهج في نشر الرسالة، هل بلغ الإسلام 1435 عاماً؟

وهكذا انشغلنا إما بالنوم أو بالمذابح حتى أصبحنا أضغف الأمم وأقلها حظاً ومكانة، بينما هاجر نبينا الكريم على قدميه من مكة إلى المدينة لينشر الفضيلة والسلام ومكارم الأخلاق. كان ذلك مثل يوم غد ولكن قبل ولادتنا بـ 1435 عاماً.

 

Email