تجارة الأرحام

تجارة يمتزج فيها غياب مهنية الطبيب وعدم إدراك الأم لمخاطر العملية القيصرية، وكله من أجل عيون هذا المولود الجديد. لكن هناك تجارة السوق السوداء في المستشفيات اليوم للعمليات القيصرية المربحة للمستشفى الخاص، يعني المستشفى الذي يهدف إلى جني الأرباح وهذه حقيقة كل المستشفيات الخاصة وإن اختلفت الأساليب بين الصحيح والخطأ.

اليوم أصبح الناس يتاجرون بالناس، وأصبح أخلاق المهن المختلفة من مدققين، ومحامين، وأطباء، وإعلاميين كل اخلاق المهن هذه أصبحت ضحية الأرباح إلا من رحم ربي.

فهذا مقال منذ عقد لجريدة الرياض يقول الخبراء يحذرون من مخاطر اللجوء للولادة القيصرية، وأن دراسة في ذلك العقد 1991-2001 كشفت أن نسبة الولادات القيصرية بأميركا التي كان بالإمكان تفاديها ارتفعت إلى 70٪ وقد قفزت في الأعوام الثلاث الأخيرة إلى 28٪ من إجمالي حالة الولادة.

أما اليوم فظهرت على الصحف خلال هذا العام والعام الماضي عناوين عريضة تقول إن المستشفيات الخاصة تتعمد إجرائها.. العمليات القيصرية تجارة رابحة ومعدلها في السعودية ضعف العالمي .

هذا كما جاء في جريدة الاقتصادية بشهر يناير لهذا العام، وتقول البيانات الإحصائية إن عدد العمليات القيصرية بلغ 53 ألف عملية بالمستشفيات الحكومية فقط من أصل 256 ألف ولادة سنويا بالسعودية. وفي نفس التقرير في الاقتصادية طبيبة بمستشفى خاص تقول إن عدد الولادات القيصرية يزيد نسبتها على 37٪ في المستشفى يعني ما يقارب 400 ولادة سنوياً.

أحب أن أظهر عملية الارباح وأن أدخل الآن معامل الدراهم التي هي كالمراهم عند بعض، يقول التقرير تكلفة العملية القيصرية قرابة 15 ألف درهم. الآن السؤال هل تعرف أيها القارئ كم سيكون دخل المستشفى اذا أجرت العملية القيصرية لـ400 حالة ولادة، سيكون الدخل السنوي 6 ملايين درهم تقريباً.. الآن الأرقام تتحدث لغة مختلفة يفهمها أصحاب النفوس الضعيفة.

هل تعلم النسبة التي حددتها منظمة الصحة العالمية كمعدل طبيعي للقيصرات بألا يتجاوز 15٪ فقط. يعني بتكملة المثال السابق وأن هناك جهة رقابية تحاسب المستشفيات والأطباء وبالمعطيات ذاتها للمستشفى الخاص سالف الذكر تجاوز هذا المستشفى وحده فقط بنسبة 22٪ المعدل الطبيعي يعني هذا المستشفى قد استربح قرابة الأربع ملايين بشكل غير طبيعي ويحتاج أن يبرر هذه الحالات لجهة رسمية تقوم بدراسة طبيعة هذه الحالات وفق آلية معينة حتى يتم تقنين هذا الموضوع المربح.

أما أسباب تناول هذا الموضوع ما أخبرني به صديقان كيف يعانيان من العمليات القيصرية فقال الاول أتمنى أن يكون عندي أطفال كثير لكن للأسف حرمتنا العملية القيصرية الثانية أنا وزوجتي من هذا وأخبرونا أن يمكن أن ننجب أربعة أطفال كحد أقصى.

أما صديقي الآخر فقد جاءه حفيده الثاني ولكن أجرت ابنته عمليتها القيصرية الثانية ما يعني عدم قدرتها على الولادة الطبيعية مرة أخرى، ويقول من يراقب هؤلاء نحن لا نعلم لماذا ولدت قيصرية.

أيضاً بتصفحي المواقع على الإنترنت وجدت حكايات تبكي وأخرى تضحك عن هذه العمليات القيصرية. من الغريب أن الأطباء يحاولون بيع العملية القيصرية للسيدات على أنها أنظف وأسهل وأقل ألماً من الولادة الطبيعية، "طبعا الدكتور لا يريد أحداً يصحيه من البيت، طبعا موعد محدد العملية بكرة الولادة خلاص ويحصل نصيبه من الست ملايين درهم؟" والأغرب أصبح هناك سيدات يفضلن القيصرية بكامل إرادتهن على الولادة الطبيعية؟!

تأثير هذا اقتصادياً على شريحة المواطنين في الامارات كبير، فهو يحد من تزايد أعداد المواطنين في الدولة ما يؤثر سلبا على التركيبة السكانية. يؤثر سلبا على عمليات التوطين التي ترمي لها الدولة، ويؤثر سلبا على معادلة نسب البنين الى البنات بما يترتب عليه من عنوسة والزواج من غير مواطنات عادة كحل لعملية رغبة الأولاد وما تفرضه العمليات القيصرية من واقع.

ختاماً.. على الجهات المعنية خاصة وزارة الصحة الاتحادية والدوائر المحلية وهيئة الإحصاء دراسة الوضع الحالي وعمل أنظمة وتصور للوضع في المستقبل، حتى لا نجد الجيل القادم قد تفاجأ بواقع كان سببه جيل سبقه لم يأخذ الموضوع على المستوى المطلوب. وإذا كنت مستغرباً لماذا تكلمت على السعودية ولم أتناول الإمارات في الأمثلة المطروحة للأسف لأنه لم أجد بيانات في متناول اليد لكتابة هذا المقال البسيط فكيف بدراسة!!!؟