الحرب على «الإخوان» بالنكتة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد يتصور البعض أن أخطر ما يهدد الإخوان الآن هو المطاردات الأمنية والقانونية، خاصة وقد أخذت شكلا جادا وصارما، حتى تقلصت قدرة الجماعة على حشد المظاهرات وتنظيم المسيرات والاعتصامات. لكن هذا خطر جربوه مرارا، ونفذوا منه وعبروا عليه وعادوا أكثر قوة مما كانوا، وقد حدث ذلك في عام 1948 أيام محمود فهمي النقراشي باشا، وفي 1954 عقب الصدام مع جمال عبد الناصر على السلطة، وفي عام 1965 فيما عرف وقتها بـ"المؤامرة الكبرى".

لكن في هذه المرة تتهافت خطورة المطاردات الأمنية أمام تعاظم المطاردة الشعبية الساخرة، فالإخوان صاروا هدفا لأكبر حملة شعبية من النكات السياسية، تأكل في طريقها الأخضر واليابس من تاريخ الجماعة ورصيدها المجتمعي.. نكات من كل لون وشكل، سخريتها في منتهى القسوة، مثل طلقات رصاص حارق خارق، لا تصيب الجماعة في مقتل، وإنما تبدد تراثها وما عاشت عليه طيلة 85 عاما.

 ولم يحدث في تاريخ مصر الحديث، أن نالت جماعة دينية في مصر هذا القدر الهائل من "العداوة" في الشارع، بعد أن كان البيئة الحاضنة التي مدت الجماعة دوما بأسباب البقاء، في مواجهة الضربات الأمنية على مدى تاريخها كله.. فكيف تعيش الجماعة في بيئة إن لم تكن عدائية فهي رافضة بشدة لوجودها؟!

وقد ارتكبت الجماعة أكبر حماقاتها وأخطرها، ليس بالاعتصام في رابعة أو النهضة وتكدير حياة الناس، أو الخروج عليهم بالأسلحة والنار، وإنما في سب وشتيمة المصريين الذين خرجوا في 30 يونيو الماضي ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، والذين كرروا فيضهم في 26 يوليو تفويضا للجيش لمحاربة الإرهاب. وقد انهالت كتائب الإخوان الإلكترونية على المصريين تجريحا قبيحا، ووصفتهم بأشد الصفات حقارة، من أول عبيد البيادة إلى الشذوذ الإنساني!

ورد المصريون الصاع صاعين في نكات ستعيش طويلا، وبعضها سيصبح تراثا تتناقله الأجيال، بينما سباب الإخوان في شعبهم سيزول كما التراب من على أوراق شجر تساقط عليها الندى في الفجر!

وبالطبع نال محمد بديع، مرشد الجماعة، وصفوت حجازي داعية الفتنة كما يوصف، النصيب الأوفر ومعهما قناة الجزيرة، التي يصنفها أغلب المصريين الآن تصنيفا معاديا لهم.

تقول النكتة..

* مذيعة تسأل المرشد: بماذا تنصح الشباب وتقول لهم؟!

المرشد: أقول لهم إن الجريمة لا تفيد، وكرسي الحكم لا يدوم لأحد، وأحب أسمع أغنية تسلم الأيادي يا جيش بلادي!

* وفي التحقيقات سأله الضابط: مرشد ماذا تعني؟

أجاب: هو رئيس الجماعة المسؤول عنها.

صفعه الضابط على وجهه، فقال: المرشد من يرشد عن إخوانه الإرهابيين بعد ما يتْمسك!

* وسأله المحقق: يقولون إنك ألدغ في حرف السين؟

المرشد: أبدا، كل حروفي سليمة.

المحقق: طيب قل سيسي سيسي ثلاث مرات!

* أول مرحلة في تعذيب المرشد في السجن هي إجباره على لبس تيشرت مرسومة عليه صورة السيسي.

مرسي قابل بديع في السجن: أهلا يا مولانا.. ومكتوب تحته "حب في الزنزانة"!

وقد ألف المصريون نكتة خاصة بمظاهرات الجمعة الماضية، التي هدد فيها الإخوان بحشود رهيبة في كل المحافظات عقب صلاة الجمعة.

تقول النكتة:

الإخوان نزلوا يعملوا سلاسل بشرية، لقوا العدد غير كاف، فعملوا "إنسيال" بشري!

الإخوان: ضربونا يا بيه، ضربونا ونحن نحرق القسم.. ناس مفترية علينا.

وعموما لم يحدث أن كان المرشد العام لجماعة الإخوان مصيدة نكات شعبية، فالمصريون بطبعهم وطبيعتهم يقدرون رجال الدين ويعملون لهم ألف حساب، وهذه النكات لا تخلف بقيمة المرشد الأرض فقط، وأتصور أنها ستطارد رجال دين كثيرين ممن كانوا داعمين للجماعة، منادين لهم في الأسواق والمساجد.

أما صفوت حجازي فقد أهالت النكات كثيرا من السخائم فوق رأسه دون رحمة، بسبب التناقض الرهيب بين صراعه وحماسه وتهديداته في ميدان رابعة العدوية، وتراجعه وخذلانه وإنكاره لإخوانيته في التحقيقات..

تقول النكتة: المرشد لصفوت في السجن: يا (...) انت لست من الإخوان.. رد صفوت عليه: هو حضرتك تعرفني!

وقف يصرخ في السجن: أنا لست صفوت حجازي أنا صفوت الشريف، وأقسم بالله العظيم أنا أصلا مسيحي!

الضابط لصفوت: ما رأيك في الانقلاب؟!

صفوت: أكيد يا باشا أنت تسأل عن ثورة 30 يونيو.

وإذا أتينا إلى الجزيرة فحدث ولا حرج، لكن أكثر النكات تعبيرا عن رأي المصريين فيها تقول: نصيحة للمتظاهرين.. انزل أحرق في الجامع والكنيسة، ولع في الأقسام واضرب واقتل، وفي آخر النهار نختبئ في جامع، وفي الصباح يطلعونا "خروج آمن".

المدهش أن كل هذه النكات السياسية تمضي عكس التفسيرات التاريخية للنكتة السياسية في مصر، بأنها ثورة صامتة على الكبت والحاكم الظالم، وهو تفسير قديم قدم النكتة نفسها، فالمصريون عرفوا النكات منذ قدماء المصريين وبعضها مسجل على جدران المعابد..

لكن هذه نكت حرة ضد جماعة لم تعد في السلطة، وهنا يحل التفسير الشعبي بجدارة محل تفسير علم الاجتماع، بأن "المصري ابن نكتة"، وها هو يطارد الإخوان بأقوى ما يملكه من أسلحة دمار شامل.

Email