القيادة الواعية تسخّر قوى السوق

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل مرشح سياسي حديث على امتداد العالم نظر إليه بأي درجة من الجدية من قبل الناخبين، قدم وعوداً معتمداً على سذاجة الناخبين عندما تعهد بإعادة السيطرة على الاقتصاد. يمكن لسياسي واحد السيطرة على الاقتصاد العالمي، بالفعالية نفسها التي يمكن بها لأي شخص التحكم في الطقس من خلال الإمساك بمظلة فوق رأسه.

ولهذا فإن من المثير للضحك الادعاء بأن القوانين البيئية في الولايات المتحدة، لها تأثير كبير على جهود مكافحة التلوث في جميع أنحاء العالم، عندما يكون العالم الثالث كله تقريباً معفيا ويقوم بقذف الملوثات البحرية.

لن تأتي حلول المشكلات الاقتصادية الحالية، إلا عندما يدرك السياسيون أنهم لا يتحكمون في الاقتصاد العالمي، بل هو الذي يسيطر عليهم. وسوف تكسب القوى الأكبر حجماً دائماً، حتى عندما تواجه عاصفة عاتية من الصلف السياسي.

ويمكن القول إن القوى الاقتصادية على المستوى العالمي، هي الأقرب من حيث وصولنا إلى سوق حرة فعلية، حتى وإن كان ذلك يرجع فحسب إلى وجود تشريع أقل والمزيد من الخيارات، وقدرة أقل بكثير على التدخل وفرض الإرادة، أو جدول أعمال على امتداد خطوط دولية مقارنة بالنطاق الوطني.

السياسيون الوحيدون الذين سينجحون في تحقيق التحسن الاقتصادي لعالمهم، هم من يتعهدون بعدم محاربة قوى السوق الطبيعية وإنما التعاون معها، تماماً كما أنه من الخطأ في لعبة الجودو، منع ضربة من الخصم لأن ذلك ينطوي على المخاطرة بالإصابة. يجب أن تكون الاستراتيجية هي إيجاد وسيلة لاستغلال الاتجاه الطبيعي لأي قوة معينة، سواء أكانت إيجابية أم سلبية، وجها لوجه مع أجندة المرء الخاصة.

في الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، هذا يعني تعظيم قوى السوق لصالحك وجعلها حليفاً لك، بدلاً من النضال ضدها بلا أمل.

في أوروبا، وتحديدا في بريطانيا وفرنسا، تغلق المصانع وتغير أماكنها بشكل منتظم، رغم وعود القادة بتوفير فرص عمل.. بماذا؟ هل من خلال المزيد من إنفاق الأموال الحكومية غير المتوافرة؟ أم بالاعتماد على الموهبة الجيدة لمبدعي الثروة وقادة الصناعة، الذين يختارون على نحو متزايد دفع أقل نسبة من الضرائب العقابية للأنظمة التي يرتبطون بها؟ والنتيجة لهذه المقترحات غير المنطقية، هي اشتراكية السحق والاستيلاء، في الوقت الذي يصل الذعر إلى درجة الحمى.

وإليكم بعض الاتجاهات المثيرة للقلق، التي يحتمل أن تؤثر بشكل كبير على حياتك، بفضل الجهل بأي إمكانية لمحاسبة اقتصادية تصحح المسار: - الكثير من الناس ينظرون إلى خلط أوراق الخدمة المدنية على أنه أفضل اختيار مهني ممكن، رغم حقيقة أنهم يعرفون أن المضي في هذا الطريق يعني أن صاحب العمل يستدين إلى أقصى الحدود ويترنح على حافة الهاوية.

- النقابات العمالية، التي كانت يوماً ما تخدم الغرض الشريف المتمثل في حماية حقوق العمال، سوف تواصل التطفل على أصحاب الأعمال المتهالكين الراعين لها، لدرجة أن هؤلاء الرعاة يهربون أو يموتون، مثلما يفعل أي مخلوق مستضعف في الطبيعة.

- سوف يستمر الأطفال في دراسة حياكة السلال في الكلية، ثم يتوقعون بعد ذلك المضي إلى وظيفة يحصلون منها على أجر بـ100 ألف دولار في السنة، بعد إرسال خمس سير ذاتية (ويتوقعون أن يتنافس أرباب العمل الخمسة حتى الهلاك على تشغيل حائك السلال المطلوب)!

وفي الوقت نفسه، سوف تبقى الوظائف الهندسية دون أن يشغلها أحد، لأن حياكة السلال ليست لها أهمية قابلة للنقل من شأنها، مثلاً، أن تساعد طائرة ركاب على الإقلاع. - سوف تنفق الحكومة الملايين لتطوير سيارات لا أحد يريد شراءها، باستلهام النزعة التي مفادها أن الوالد يعرف أفضل ثمن الثقة التي تأتي من إنفاق أموال الآخرين. فلماذا لا يتم الاهتمام بمثل هذه البدائل في سوق يحفل بالمال والطلب عليه، وتحقيق ربح فعلي لأميركا؟

من أجل هذه الأمثلة وغيرها، يمكننا أن ندين بالعرفان للاشتراكية. إننا بحاجة لأن يطالب مسؤولونا المنتخبون، ليس بالمعارضة الرمزية لها فحسب، ولكن بمواجهتها على نحو فعال، من خلال قيادة واعية الفكر، صامدة، متفاهمة، وتعمل على تسخير قوى السوق الحرة التي توجد خارج أسوار بلادهم.

 

Email