كيف تريد يا موشي أن تُطفأ نيران مصر؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

التفت موشي يعالون وزير الدفاع الإسرائيلي بشيء من القلق إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو هامساً: "سيدي الرئيس، مصر تشتعل بين الإخوان والمعارضة"، فرد عليه هذا الأخير هازئاً: "هل تفكر يا موشي في إطفائها؟

وتكرر نفس السؤال وتلقى موشي يعالون نفس الرد عندما أعلم رئيس الوزراء بأن سوريا تحترق بين أنصار الأسد وأنصار الإخوان. ويبدو أن وزير الدفاع الإسرائيلي لم يتوقف عن طرح نفس السؤال قبلها حول ما يحدث في تونس وليبيا. ويبدو فيما يبدو بأنه يتلقى في كل مرة نفس الرد!

إسرائيل منذ قيامها (منذ 65 عاماً) ورغم ما نعلمه عنها في الداخل من اختلافات وخلافات وصراعات، إلا أننا لم نسمع يوماً ما أن هذا الخلاف الداخلي أو الاختلاف الفكري فيما بين الإسرائيليين أدى إلى معركة واحدة، فكيف بمعارك بالسلاح الكيميائي. وبقدر ما كانت سوريا ومصر والعراق ولبنان مجتمعة ومنفردة تشكل قبل عشرين عاماً خطراً على الروح المعنوية الإسرائيلية.

وبقدر ما كانت إسرائيل بعد تجربتها المريرة مع حرب أكتوبر - وبكل ما تملك من قوة ودعم دولي تخشى أي تحرك مفاجئ غير مرتقب من قبل إحدى تلك الدول العربية، بقدر ما تحولت هذه الدول والتي تقع لحسن أو لسوء حظ إسرائيل على خطوطها الأولى، ولا يفصلها عنها سوى خط وهمي، إلى مجرد مدن أشباح أو إلى شعب يجر نفسه بيده إلى الحرب الأهلية والتقسيم.

وفي الوقت الذي تتابع فيه إسرائيل (ليس آخر أخبار الخريف العربي لأنها تعرف مسبقاً نهايته) وإنما تتابع بناء المستوطنات الجديدة (بأيدي العمال الفلسطينيين !) على الأراضي المتبقية للفسلطينيين، نجد دول القيادة العربية تحول مدنها الحديثة - لكن بأيديها - إلى ركام.

وفي الوقت الذي تتحول فيه إسرائيل من دولة تستجدي الدعم الخارجي إلى دولة صناعية حربية من الدرجة الأولى معتمدة في ذلك على الأيدي العربية الفلسطينية (شر البلية ما يضحك) وعلى موارد لا نعرف من أين تأتي بها، نجد أن الدول العربية العظمى من كل النواحي كالعراق وسوريا ومصر والسودان والجزائر التي تملك كل الموارد وكل الأيدي العاملة تعيش زمن الجاهلية الأولى بين تفجير هنا ونسف هناك.

لننظر إلى الموضوع بشكل آخر؛ لكي تعود سوريا وهي على حالها اليوم إلى ما كانت عليه قبل الثورة، تحتاج إلى أكثر من مائة وعشرين عاماً، فيما لو توقفت المعارك في هذه اللحظة. ويبدو أن الحسم بعيد جداً. أولاً، سوف تحتاج إلى أكثر من عشرين سنة حتى يستتب الأمن والاستقرار (مثال العراق). ولن يكون هناك بناء بدون أمن وبدون استقرار.

بعد ذلك، سوف تحتاج إلى ثلاثين سنة على الأقل لكي يتم القضاء على الفساد الذي غالباً ما ينتج عن الثورات. وطالما هناك فساد لن يوجد استقرار ولا بناء.

وسوف من ثم، تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة جداً باعتبار حجم الدمار الذي نشاهده كل يوم، ولا أتصور أن خزينة سوريا بها اليوم عُشر ما كان بها قبل قيام الثورة، أي قبل سنتين. ولكي تجد من يقرضها فإنها قد تحتاج إلى أكثر من عشرين عاماً أخرى.

ثم ستحتاج إلى أيدٍ عاملة التي هجر معظمها الحدود السورية أو قتل فيها أو فقد كل شيء فأصيب بشلل نفسي تام. ولتوفير الأيدي العاملة فإنها سوف تحتاج إلى عشرين سنة إضافية.

وحتى يكتمل بناء المدن السورية التي دمرتها الحرب الأهلية فإنها في حاجة إلى ما لا يقل عن ثلاثين عاماً أخرى.

المجموع: 120 عاماً، هذا فيما لو انتصرت إحدى الطائفتين وتوقفت الحرب في هذه الساعة؟ لكن يبدو أن لحظة الحسم غير واردة ما دامت الأطراف الخارجية تغذي طرفاً بالزيت وطرفاً بالنار.

وما ينطبق على سوريا ينطبق على العراق ومصر وليبيا وغيرها....

فكيف تريد يا موشي يعالون أن تطفأ نيران الخريف العربي؟

 

Email