«غوغل» والمعبد

ت + ت - الحجم الطبيعي

السيد غوغل هو اشهر موقع على الإنترنت يعرف كل شيء، يستخدمه الجميع بمختلف مستوياتهم العلمية واختلاف مدارسهم الفكرية، واختلاف لغاتهم أيضاً هذا العم غوغل يبحث لك في المعرفة المتراكمة للبشرية بحيث تجد كل ما تريد ان تعرفه عن موضوع ما من الذين قد سبقوك.

اذكر بعض المواقف مع غوغل بداية مع الأبناء فأذكر ابنتي كانت تقوم ببحث مدرسي في الصف الثالث وأخرى في الصف التاسع وهذا التفاوت في العمر لم يقف هنا عند الأطفال، حيث أعرف احد الأصدقاء يقوم بالبحث لرسالة الدكتوراه ويعتمد على غوغل. أيضاً اذكر في اجتماع لأحد مجالس الادارة كان احد محاور النقاش هو ترتيب ظهور الشركة عند القيام بالبحث عنها في محرك غوغل خاصة. اذكر أيضاً موقفا طريفا كان مع احد زملاء العمل عندما كنا نريد ان نحسب إجازة هذا العيد متى تكون حتى نعرف متى تكون إجازة العيد فكان الجواب ليس ان نحسب او ننظر الى الروزنامة بل سألنا السيد غوغل فما كان الا ان وجد لنا الإجابة.

عندما تنظر بنظرة اقتصادية وتجارية الى شركة غوغل، تسأل نفسك وتقول لماذا جميع خدماتها بالمجان فمن أين لها هذا الدخل وكيف إذا تربح هذه الشركة؟ خرائط غوغل بالمجان، ومكتبة غوغل بالمجان، وابحث عما اريد بالمجان، البريد الإلكتروني جي ميل بالمجان، وكثير من الخدمات الاخرى مثل الترجمة بالمجان، نعم فأنت لا ترى غير هذا الجانب من غوغل. هذا النوع من النظام الاداري والاقتصادي قد استنسخ من النظام الاقتصادي للمعابد، فتجد المساجد والكنائس وغيرهما لا تطلب من مستخدمي مرافقها اي مقابل مادي مثلا من الافراد المصلين او لخدمات الوضوء وإفطار الصائمين وغيرها من المواد ولا تجد مسجدا يطالبك بفاتورة الماء والكهرباء لأنك تصلي فيه.

فهذا القاسم الاقتصادي المشترك الذي تم استنساخه من شركة غوغل بنظام الربحية، فنقطة التقاطع تكاد تنتهي هنا لان نظام المعابد ينتهي ربحه في الآخرة فقط ولكن غوغل عليها ان تصل بهذا النظام الى أرباح في دفاترها المحاسبية هنا في الدنيا.

الفارق بين النظامين ان المعابد نتيجة للإقبال من الناس على ما يكون من خير والذي يترتب عليه من حسنات بالآخرة يتكفل الناس والمتبرعون ومن يبنون المساجد عملية تكبد هذه المصاريف، ونتيجة لعملية الطلب البشري على هذه المساجد يكون هناك قوة اقتصادية، فيمكنك التسويق فتجد من يوزع أوراق الدعاية بعد الصلاة او حتى تجد من بيع المنتجات عند باب المسجد وتجد ملاحق المسجد تدخل النقود مثل المستشفيات التابعة للمساجد والمحلات التابعة للمساجد وغيرها.

هذا النظام الاقتصادي واكثر حول هذا المسجد ليس له علاقة بخدمات المسجد التي بالمجان لكن له علاقة بالقوة البشرية المتواجدة بهذا المكان وهي الآن التي تقوم بعملية تحقيق الأرباح بعيدا عن خدمات المسجد وهنا قام غوغل بعملية الاستنساخ.

قامت غوغل بتقديم الخدمات المجانية للناس واستقطاب الناس حتى اصبح الإقبال كبيرا عليها على مستوى العالم، ما شكل لها قوة اقتصادية كبيرة ترجمته بشكل مجموعة خدمات أخرى تكون مقابل أرباح وهذا هو المستوى التجاري للخدمات المقدمة بشكل أكثر تخصصية وحرفية وتجارية.

مثلا ان كنت تريد اسم موقعك يظهر ترتيبه في أول القائمة بمحرك بحث غوغل يلزمك اشتراك معين، وان كنت تريد الدعاية فهنا المكان الصحيح بسبب الكثافة البشرية على هذا الموقع. وان كنت تريد خدمات غوغل لاستخدامها بشكل تجاري مثل خدمات بريد إلكتروني لشركتك فيمكنك الاشتراك، وان كنت تريد استخدام خرائط غوغل بشكل محترف للشركات والبلديات وحتى في الأخبار المتلفزة والمرئية يكون هذا بمقابل مادي.

كما قالوا قديما اذا عرف السبب بطل العجب فهذه قصة غوغل مع المعبد، والتي جعلت منها في ركب اكبر الشركات الاقتصادية عالميا اليوم، فيكفي اسمها التجاري الذي نافس بيبسي وكوكاكولا فإذا سألت الأطفال اليوم او اي شخص ما هو غوغل أجابك.

ختاما لمعرفة الثقل الاقتصادي لشركة غوغل في ظل هذا النظام الاقتصادي المقتبس من دور العبادة والأعمال الخيرية، هذه البيانات المالية لشركة غوغل لعام ٢٠١٢ فقد بلغت أصول غوغل ٩٤٠٠٠ مليون دولار، وبلغ أرباح غوغل خمسين ألف مليون دولار، وكانت مصاريف الشركة بلغت ٣٧٠٠٠ مليون دولار، وأخيرا كان صافي الأرباح التي حققتها الشركة قرابة ١١٠٠٠ مليون دولار.

Email