30 يونيو يوم الحسم أم بداية التغيير ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكتب هذه السطور بعد دقائق معدودات من انتهاء الرئيس المصري محمد مرسي من القاء احد اطول خطابات الرئاسة المصرية تاريخياً، وليته كان الخطاب الذي يحمل لمصر فسحة من الامل او يفتح امامها مسارب من الرجاء.

وما بين وقت الكتابة وموعد ظهور تلك الكلمات للنور صبيحة يوم 30 يونيو ربما تكون قد جرت في مصر مياه ولا أقول دماء كثيرة ما يدفعنا لتساؤل جوهري هل نحن ازاء يوم الحسم الحقيقي، أي اليوم الذي يرحل فيه الاخوان المسلمون؟، أم انه بداية لتغيير حقيقي سيقود لتعديل مثار الثورة المصرية التي ضلت طريقها؟

مصر اليوم أمام ثلاثة سيناريوهات،السيناريو الاول هو أن يستجيب الدكتور مرسي مبكرا للأصوات المطالبة برحيله مع غروب شمس 30 يونيو، غير أن هذا السيناريو، وفي ضوء خطابه عشية الأربعاء الماضي، سيناريو مستبعد جملة وتفصيلا.

السيناريو الثاني ان تمثل التظاهرات السلمية ضغوطا حقيقية على الرئيس تجعله ينادي بانتخابات رئاسية مبكرة وبتعديلات هيكلية رئيسية في مفاصل الدولة، وهو سيناريو لم يعد له وجود لا سيما بعد أن ذهب الى مدى بعيد في تعميق الخلافات بين المصريين تحت مسمى التطهير وتكليف المحافظين والوزراء بإقالة الموظفين المتهمين بالفساد خلال أسبوع وبدون محاكمات قضائية، وهي مطالبة لها تبعات عالمية كارثية لجهة حقوق العمال وحكم القانون..

يتبقى السيناريو الثالث والأخير وهو المرجح فعلا اي سيناريو التصادم الدموي العنيف بين المؤيدين والمعارضين والذي سيزعج ولا شك المجتمع الدولي عامة لأهمية مصر موقعا وموضعا وكثافة سكانية، ما يعني عدم السماح بسقوطها في براثن الحرب الأهلية أو التحول الى الدولة الفاشلة.

وستكون الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي في مقدمة القوى التي ستسعى لايجاد بدائل سريعة لاخماد حرائق تلك المواجهات، وغالبا ما سيتم ذلك عبر القوات المسلحة المصرية التي بدأت بالفعل في الانتشار في مختلف محافظات مصر الأيام القليلة الماضية.

هل خسر الإخوان المسلمون علنا في عام واحد ما عملوا على بنائه سرا طوال ثمانين عاما ؟

من عمل في الظلام طوال تلك العقود يصعب عليه ان يفتح عينيه في النور، ولهذا رأينا دولة اخوانية متعثرة للغاية ازدادت المعارضة لها في الشارع المصري بكل أطيافه وأطرافه بعد فشلها الواضح والفاضح في القيام بمهام الدولة الحديثة في خدمة مواطنيها، وبات الاستياء منها منتشرا في كافة طبقات السلم الاجتماعي المصري وصولا الى النخبة النهضوية، مرورا برجال الاعمال والاعلام، ولم تسلم أكبر وأهم مؤسستين دينيتين في مصر، الازهر الشريف والكنيسة القبطية، من إظهار امتعاض واضح لها.

اما عن المؤسسة العسكرية المصرية فالجميع يلمس بالتأكيد وجود أزمة مكبوتة بين الجيش من ناحية والاخوان والرئاسة من جهة ثانية، وقد تجلت في مشاهد عديدة طوال العالم المنقضي، وكثيرا ما باحت أصوات إخوانية بما يعتمل في صدورها من مشاعر لتلك المؤسسة، وكيف انها تمثل العقبة الوحيدة الباقية أمام استكمال أخونة أجهزة الدولة المصرية.

السؤال قبل الأخير، ماذا عن الموقف الاميركي الرسمي من الازمة المصرية وذروتها يوم 30 يونيو؟

الشاهد ان من تابع تحركات السفيرة الاميركية "آن باترسون " في مصر مؤخرا بدا له جيدا كيف أنها تلعب دور المحامي المدافع والمنافح عن الاخوان، غير ان تصريحات جون كيري وزير الخارجية الاميركي الاخيرة تشي بأن واشنطن تعيد قراءة المشهد المصري.

وأن مجلس الامن القومي الاميركي، بتركيبته الجديدة في البيت الابيض وعلى رأسه سوزان رايس، قد يفكر في لحظة ما بتكرار سيناريو ما جرى مع مبارك وتطبيقه حرفيا مع مرسي حال توافر نفس الظروف الثورية.

وعودة للسؤال عنوان المقال هل 30 يونيو يوم الحسم ؟

من الصعب بمكان القطع بذلك مرة واحدة، فمصر سفينة كبيرة تحمل 90 مليون راكب، لذا فإن استدارتها 360 درجة في يوم واحد أمر شبه مستحيل ويحمل خطورة كبيرة عليها ويعرضها لخطر داهم، لذا اغلب الظن انها في حاجة الى فسحة من الوقت.

وقد لا تطول أبعد من أوائل شهر رمضان لحدوث تغيير حقيقي تكون الجماهير المصرية الغفيرة التي ستملأ الميادين هي صاحبته مرة اخرى لتصحيح مسار الثورة التي اختطفت منها اختطافا المرة الماضية. ثورة تعيد لمصر مكانها ومكانتها وللمصريين حريتهم وكرامتهم وبحثهم المنشود عن العدالة الاجتماعية الحقيقية التي ثاروا بالفعل من أجلها منذ زمن أحمد عرابي وحتى الساعة.

 

Email