ملياردين x مديونير

ت + ت - الحجم الطبيعي

الديون هي وسيلة مالية لتلبية ضرورات الحياة ،وليست الشكليات التي أغرقت الخلق في بحار البنك. عليك ان تفهم العملية الاقتصادية التي تجري حولك لانه هناك مدين و دائن و هذا ما يقوم عليه النظام المالي المحاسبي في العالم.

الاختيار لك في اي الحزبين تريد الدخول بمحض رغبتك، فلن يرغمك احد على الدخول و بعد دخولك لم يرحمك احد. فإذا أمعنا النظر في هذه الحياة تجد ان الشخص يتكبد المشقة لأجل هذا المال، فعلى مستوى العالم يستيقظ بنو البشر مبكرا و يدخل في طابور الصباح منطلقين بدون مناد يذكرهم حي على الصلاة و حي على الفلاح.

بعد دخول سيادتك حلقة الديون اذا كنت من المستثمرين تكون مليونيرا و في المقابل مديونيرا، فأنت في صراع الربح والخسارة الذي يسيطر عليه في السوق السادة العرض والطلب. اما ان كنت مستهلكا فأنت مديونير فقط و المليونير هو البنك الذي قام بإقراضك المال مقابل أرباحه على اصل المبلغ.

افضل الطرق التي تظهر لك كيف ان النظام الاقتصادي يجعلك تتقبل هذه المخاطر، انه في نظام البورصة العالمي، توجد خدمات الائتمان على المضاربة فتجد الشخص يستنفذ النقد الذي بحوزته، ثم لتوقع ان هناك أمل ربح كبير في سهم ما يقوم يشتري أسهما على الحساب اذا صح التعبير. وعند عدم تحقق التوقعات يقوم هو بخسارة الفرق بين السعر السوقي و سعر الشراء على الحساب.

أكثر من ذلك تجد جميعنا نميل ان نحصل على بطاقات إئتمان كريدت كارد، وننسى أنها مديونية وتكلفة تخرجنا خارج الملاءة المالية في الشهر القادم. وان أرباحها تقسم الظهر حال التراكم وعدم السداد، واكثر حالات التعثر المالي يكون بسبب هذه البطاقات ، ورغم كل هذا الإقبال عليها كبير!!!

اقتصاد اليوم جعلك جاهزا لتخرج كل ما في جيبك على كل الطرق والملل و النحل ، فالاستثمارات موجودة ان كنت من حزبهم، و المنتجات الاستهلاكية موجودة ان كنت من أهلها . والبطاقات الائتمانية موجودة حتى لا تشعر نفسك بالثقل عندما تصرف نقودك ، فهي تمر على جهاز فقط، ويخصم من حسابك فقط ، وتتراكم أرباحها فقط، و انت الذي لا تشعر فقط ، فانت مشغول فرح بما تشتري فقط.

اليوم جعلوا كل الامور سهلة؛ لتخرج ما في الجيب ليأتيك ما في الغيب لكن ليته كان لله ، لحصل الأجر و تم النفع و حلت البركة و زينتك الرحمة . لكن جعلونا مدمنين على الشراء ، نهمين لكل ما هو جديد وليس مهما ان كان مفيدا، لان الغاية عندك أصبحت الشراء ، والغاية عندهم أصبحت الأرباح .

أضحى اليوم الإنتاج ليس لتلبية الحاجة إنما للبيع و الأرباح ، فهذه سيارة موديل جديد غيروا الأنوار ، وهذا موبايل غيروا شكله قليلا ، وهذه الأزياء الجديدة لهذا العام. لا يمكن تفهم طريقة استهلاك البعض فهذا الذي يشتري كل شهر او عام موبايل او سيارة جديدة كل ما طرحت الشركة موديلا جديدا، ما هي احتياجاتك لهذه الميزة؟؟

وأصبحت الديون ليست للحاجة ، بل بسبب العادة ونظام الحياة الحديثة. فأصبح لا احد يدخر طوعا لأن الادخار هو الذي يصدر من الشخص بمحض ارادته، أي دون ضغوط بحيث يمتنع عن استهلاك جزء من دخله الصافي. فتنازل المستهلك عن جزء من دخله وايداعه لدى المؤسسات المالية للاستفادة من الفائدة التي تمنحها والمشاركة في الدورة الاقتصادية.

العجيب رغم الأرباح الطائلة التي تحصدها البنوك اليوم، لا تقوم مشاركة المجتمع الاقتصادي بالشكل المطلوب توازيا مع هذه الأرباح الطائلة. تجد ان أرباح البنوك على الودائع لا تذكر، و تجاوزات البنوك في إغراق المجتمع بالديون اصبح وضعا طبيعيا في مجتمعات اليوم المادية.

أصبحت الديون مثل الهواء الذي نتنفسه بالنسبة الى اقتصاد اليوم، وأصبح قيمة الشخص بهذا الورق الملون الذي بجيبه إلى حد كبير في يومنا. اذكر موقفا... دخل رجل بسيارته الفخمة و رقمه المميز جداً ففتح له الحارس الباب من فوره بكل احترام ، ثم في اليوم الثاني جاء نفس الرجل بسيارة عادية فأوقفه الحارس، واستفسر منه من تريد ان تراجع، و هل عندك موعد، ونحتاج بطاقة هوية لتصريح زائر. فقال الرجل باستغراب إني امس دخلت دون كل هذه التعقيدات وانا هو نفس الرجل؟! ، لكن يبدو انك كنت تحترم سيارتي كثيرا..$$$

 

Email