الرئيس مرسي و30 يونيو

ت + ت - الحجم الطبيعي

سؤال الساعة في مصر: تفتكر ممكن يحدث "شيء" في 30 يونيو؟! سؤال تسمعه على مقهى بلدي أو كافيه حديث أو مول تجاري أو دار سينما أو في الشارع أو على البلاج، ومن ناس عاديين على باب الله، ونصف متعلمين، وأصحاب وظائف رفيعة، وستات عجائز أميات.. إلخ.

 وهو سؤال غريب، فيه أمنية أو رغبة أو أمل، أكثر منه استفهاما وحيرة وارتباكا.. ولو كان مجرد سؤال استفهامي لأخذ هذا الشكل: ماذا سيحدث في 30 يونيو؟!

فهل يتمنى المصريون أن يحدث شيء ما في مناسبة مرور عام كامل على تولي الرئيس محمد مرسي السلطة في مصر ممثلاً عن tجماعة الإخوان؟!

الإجابة ليست سهلة.. السؤال يكمن في داخله أيضاً قدر كبير من المخاوف والقلق والغموض، والمصريون منذ عامين وبضعة أشهر وهم يعيشون أسوأ أيام حياتهم في مائة عام؛ أمنيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا ورياضيا..

فالثورة التي حلموا بها وأشعلها شبابهم انقلبت عليهم - في فصلها الحالي - وبالاً متلاحقاً، فهل تعود الكرة ويبدأون من أول السطر رحلة البحث مجدداً عن خريطة طريق تنتشلهم من المأزق الرهيب الذي وقعوا فيه؟! صحيح أن الرئيس محمد مرسي - كما قال الأهرام في حوار منشور معه مؤخراً - اعتذر لشعبه بكل بساطة وتواضع عن الأزمات الحياتية الحالية، مطالباً إياهم بالصبر قليلاً حتى يمكن تجاوز الأزمات، لكن دون أن يفسر لهم كيفية حدوث هذا التجاوز، ودون أن يسأله محرر الأهرام عن "السياسات والوسائل والإجراءات" التي ستصنع ذلك!

قطعاً لا يود المصريون أن يعودوا إلى 25 يناير 2011، لكن ما باليد حيلة، ولا انفراج يلوح في الأفق، فالجماعة تركن إلى عوامل التعرية في تفتيت إرادة المعارضة وحركات الشباب المناهضة لهم في الشارع، وتتصور أن الزمن كفيل بكل من يناهضهم، طالما هم ماضون في تنفيذ مشروعهم الخاص بالتمكين من الدولة المصرية، تساندهم الولايات المتحدة الأمريكية كما كانت تساند الجماعات الصهيونية في التمكين من الأرض الفلسطينية! لكن الشباب المصري، وهو أخطر وأهم من "أحزاب معارضة"، لا يقبل هذا الواقع ويتمرد عليه تمرداً أصاب الإخوان والأميركان بالحيرة والمفاجأة، وراحت حركة "تمرد" تصد عوامل التعرية الإخوانية عن العقل والجسد المصري بقوة وإصرار، ووقفت في الميادين والشوارع تجمع توقيعات المصريين الغاضبين ضد الرئيس المنتخب..

وحركة تمرد مُشكلةٌ من شباب لم تفسده ألاعيب السياسة ولا مناورات المنافقين، ولا أمراض الأحزاب القديمة التي لم تحاول أن تغير من أساليبها وكوادرها وفكرها بما يناسب مصر في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، فظلت أحزاباً شائخة عجوزاً يأكلها تصلب الشرايين وضمور المفاصل.

وحدد الشباب يوم 30 يونيو للمواجهة مع الرئيس وجماعته، حاملين مطالب محددة: نزع الشرعية عن الرئيس وإجراء انتخابات مبكرة.

لكن المواجهة محفوفة بمخاطر جمة، وقد تنقلب إلى عنف وحرب شبه أهلية، فجماعة الرئيس والتيارات الدينية المؤيدة له، المتصورة أن الوقت قد حان لإعلان الخلافة، قد ردت بالتهديد والوعيد وإعلان الحرب على كل من يقترب من القصر الجمهوري! وقال عاصم عبد الماجد، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، إن من سينزلون لحماية الشرعية سيتحدد نهجهم بناء على المتظاهرين الآخرين، فإذا حافظوا على السلمية سيكون التظاهر سلمياً، وإذا استخدموا العنف فستتم مواجهتهم بنفس الأسلوب.

وهذه دعوة مغلفة للعنف.. فما الذي يمكن أن يحدث في ساحة نزل إليها خصمان في وقت واحد، وكل طرف مشحون ضد الآخر؟!

أما الدكتور محمد البلتاجي عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، فقد اعترف صراحة: لدينا خطط وتدابير لـ«30 يونيو» لن نفصح عنها!

فهل ما حدث من حرق المقر الرئيسي لحركة "تمرد" في القاهرة جزء من هذه الخطط؟! وهل الاشتباكات العنيفة التي دخل فيها شباب الإخوان مسلحين ضد المعارضين في مدينة دمنهور جزء من هذه الخطط؟!

ويبدو أن المرشد العام للجماعة قرر أن يرسل للناس رسائل عاجلة فيها بعض من هذه الخطط، وضعها على هيئة استفتاء على صفحته في الفيسبوك حول المشاركة في مظاهرات 30 يونيو.. لم يكتف شباب الإخوان بالرفض، وإنما أطلقوا قدراً من التهديدات المخيفة لكل من يشترك فيها، وطالبوا بمواجهة القوى الداعية لإسقاط الرئيس محمد مرسى، ودعا "إسلام جهاد" إلى إعلان الخلافة وإرسال أرواح المعارضين للرئيس إلى بارئها، وقال مصطفى صبحي "لازم يوضع حد لهم"، وقال محمد أبو العز "نفدي الشرعية المنتخبة بأرواحنا إن شاء الله"، وقال مهند فتحي "من يقترب من الشرعية سنفصل دماغه عن جسمه".

إذاً، نحن أمام احتمال عنف قادم لا محالة، ومواجهات فيها رقاب قد تُفصل عن أجساد، خاصة أن حركة تمرد وقعت في نفس خطأ ثورة 25 يناير، فهي تعرف ما الذي لا تريده، وهو حكم الإخوان، لكنها لم تطرح بديلاً شعبياً مقبولاً، وهو ما يجعل خيار الجيش للمصريين حلاً مؤقتاً، لكن الأميركان يرفضونه، مما يعقد الموقف ويرفع درجات العنف!

Email