مدينة الأذكياء

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك مدينة رأت المستقبل بعيون زرقاء اليمامة، وعرفت الأخبار فعند جهينة الخبر اليقين، وعرفت الحكمة بفطرتها السليمة، ويظن البعض أنها في صراع الحضارات يصعب الحفاظ على هويتها، ويعتقد البعض أنها بعيدة عن صبغتها الإسلامية. مدينة انتقدها ومدحها؛ البعيد والصديق، الغريب والقريب، العالم والجاهل .. وذلك لأنها محل كل اهتمام.

مدينة الأذكياء هذه، الأمس فيها بعيد وغداً فيها قريب، الأخبار فيها معروفة فهي محط الإنجازات، و رزقها الله قائدا فطرته البداوة والذكاء، حافظت المدينة على عروبتها رغم كل التحديات، واحتضنها المذهب المالكي فرسخ صبغتها بالأصول السليمة التي لا تهزها كل حضارات الدنيا أو الأفكار المحدثة.

كانت أول بدايات هذه المدينة الذكية بعطاء رب العالمين، فقد حباها الله بخور يسحر الألباب كان الشريان الاقتصادي للمنطقة، ثم تفكر قائدها الأول برؤية التوسع لهذه الرقعة الاقتصادية.

وكان طموحه كبيراً لهذا اختار البحر وشيد ميناء ومنطقة حرة قبل زمانها الاقتصادي، واهتم أن يكون هناك مطار حيوي، وأن يتواجد رمز اقتصادي فبنى مركز التجارة العالمي فكان ذلك، وهذا ما جعل البنية التحتية الاقتصادية للمدينة الذكية جاهزة.

أصبحت مدينة الاذكياء هذه جاهزة للانطلاق في سباق التقدم، الذي رفعت فيه قبل خط البداية بلدان أخرى العلم الأبيض معلنة الانسحاب. لكن كان هناك قائد ذكي برؤية وومضات جاهز لسباق الأذكياء، فكان ما كان من الرؤية التي جعلت في البحار مدناً.

فكان إطلاق ومضات لتك الرؤية بداية من إنشاء ناقلة جوية وطنية، ثم مهرجان التسوق، ثم خطوة اقتصادية بتوحيد نظام الحكومة وجعله بمعايير القطاع الخاص بداية بالتحول إلى نظام الاستحقاق المحاسبي، وعقد الحكومة الذكية الشهير مع شركة أوراكل الذي كان نواة الحكومة الإلكترونية بتوحيد موارد نظم المعلومات لنظام الحوكمة مركزياً.

ثم جاء بالتزامن مع ذلك إنشاء شركة "تجاري" ومدينة الإنترنت، وطبعا كان الكثير مستغربا، ماذا تعني مدينة الإنترنت هذه! . كما جاء بالتزامن تكليف الحكومة الإلكترونية لتوفير الخدمات للجمهور وكانت جهودها منصبة آن ذاك على عمل بوابات الدفع الإلكتروني للحكومة وكان ذلك.

ما زلت أذكر أول مرة دفعت فيها مخالفات المرور وفاتورة الكهرباء عبر الإنترنت، كانت تجربة فريدة لن يعرفها جيل الآي باد، فهم لم يقفوا في صفوف طويلة وزحام تخليص المعاملات أو الدفع. نعم فالمدينة الذكية هي التي أصبحت مستعدة في ظل الاقتصاد الرقمي أن تكون جاهزة لتستخدم كل ما وصلت إليه سابقا بالاقتصاد الإلكتروني بذكاء.

اليوم الذي هو المستقبل القريب في رؤية هذه المدينة الذكية، هناك ومضات منها أن تكون هذه المدينة مغطاة بالكامل بالإنترنت مجاناً، وهناك ومضة أن تكون الحكومة خدماتها على الهواتف الذكية منافسةً الشركات الخاصة، وهناك ومضة المكافأة على الذكاء.

هذه الرؤية أخذت المدينة الذكية مقارنةً مع قريناتها في الاقتصاد الرقمي خطوات أدخلتها في رأيي ما يمكن أن نسميه "الاقتصاد الذكي". أما تعريف الذكاء فهو مصطلح يتضمن عادة الكثير من القدرات العقلية المتعلقة بالقدرة على التحليل، والتخطيط، وحل المشاكل، وسرعة المحاكمات العقلية، كما يشمل القدرة على التفكير المجرد، وجمع وتنسيق الأفكار، والتقاط اللغات، وسرعة التعلم.

كما يتضمن أيضا حسب بعض العلماء القدرة على الإحساس وإبداء المشاعر وفهم مشاعر الآخرين.

كما يمكننا تعريف الاقتصاد الذكي على أنه ممارسة الأنشطة الاقتصادية في المجال الإلكتروني باستخدام وسائط الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من خلال إيجاد روابط فعالة ما بين أطراف النشاط الاقتصادي.

وأهمية الاقتصاد الإلكتروني تنبع من كونه يتعلق بموضوع يهم الفرد والدولة بالأساس، وعليه لابد بالتالى من سبر غور إمكاناته ومواصفاته لعل وعسى أن يسهم هذا الاقتصاد الرقمي فى رفع الناتج القومي للدولة.

وأيضاً أن يسهم في إيجاد فرص عمل لجيل من الشباب المتعلم المثقف، المتطلع إلى خدمة بلده بعد أن تسلح بسلاح العلم والمعرفة فى مجال جديد من مجالات العمل الاقتصادي، المبني فى جلّه على عقول بشرية تتطور كلما أنفقت من علمها لتسمو عاليا.

ختاما أتمنى أن يكون ضمن الاقتصاد الرقمي لهذه المدينة الذكية، ومضة اقتصادية لجلب تصنيع المنتجات الإلكترونية والمصانع العالمية للمنتجات الذكية. مثلا أتمنى أن يكون مكتوب خلف الآي فون جمع في المدينة الذكية، و خلف الكمبيوتر والأجهزة اللوحية صنع في المدينة الذكية.

فهذه الومضة يمكن تجعل من المدينة الذكية تنتقل لمرحلة جديدة لن أطلق عليها اسما فأترك التسمية للقراء للغوص في بحور أفكارهم لعلهم يعطونا هذا الخبر عن اسم المدينة ما بعد الذكية.

Email