بين الأزهر والقرويين

ت + ت - الحجم الطبيعي

وا أسفاه عندما نتحدث عن الجامعات العريقة اليوم نجول بأفكارنا كل أنحاء العالم عدا الإسلامي، لكن بالأمس الحقيقة والتاريخ غير هذا فليس هناك أعرق من جامعاتنا العربية المعمورة.

جامعة القرويين في مدينة فاس بالمغرب هي أقدم جامعة أنشئت في تاريخ العالم على الإطلاق.

بنيت الجامعة كمؤسسة تعليمية لجامع القرويين الذي قامت ببنائه السيدة فاطمة بنت محمد الفهري القيرواني نسبة لمدينة القيروان عام 245 هـ/859م. وحسب موسوعة جينيس للأرقام القياسية إن هذه الجامعة هي أقدم واحدة في العالم والتي لا زالت تدرس إلى يومنا هذا.

تخرج منها عدد من علماء الغرب، وقد بقي الجامع والجامعة العلمية الملحقة به مركزا للنشاط الفكري والثقافي والديني قرابة الألف سنة.

درس فيها سيلفستر الثاني (غربيرت دورياك)، الذي شغل منصب البابا من عام 999 إلى 1003م، ويقال إنه هو من أدخل بعد رجوعه إلى أوروبا الأعداد العربية. تخرج منها عدد من أعلام العلماء في المغرب العربي الذين درسوا بجامعتها ومنهم ابن خلدون المؤرخ ومؤسس علم الاجتماع.

أما جامعة الأزهر بالقاهرة في مصر هي المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية العالمية الأكبر في العالم وثاني جامعة أنشئت في العالم بعد جامعة القرويين.

أنشئ الأزهر في أول عهد الدولة الفاطمية بمصر جامعا باسم جامع القاهرة، الذي سمي الأزهر فيما بعد حيث أرسى حجر أساسه في 359هـ/970م، وصلى فيه الخليفة المعز لدين الله الفاطمي صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان سنة 361هـ/972م، إيذانا باعتماده الجامع الرسمى للدولة.

ومقرا لنشر الدين والعلم في حلقات الدروس التي انتظمت فيه، وبدأها القاضي أبو حنيفة بن محمد القيرواني، وتولى التدريس أبناء هذا القاضي من بعده وغيرهم، إلى جانب دراسة علوم أخرى في الدين واللغة والقراءات والمنطق والفلك.

وفي عصر الدولة الأيوبية حينما تولى صلاح الدين سلطنة مصر منع إقامة صلاة الجمعة به وعطل الخطبة، وأغلق الجامع وحوله إلى جامعة إسلامية سنيّة. وفي عصر الدولة الأيوبية ألغى أوقاف المسجد الأزهر، كما أصبحت الدراسة فيه غير منتظمة.

في عصر الدولة المملوكية يعود الفضل للسلطان المملوكي الظاهر بيبرس البندقداري في إعادة الخطبة والجمعة إلى الجامع الأزهر، كما قام بتجديده وتوسعته، وإعادة فرشه، واستعاد الأوقاف، وفتحه لكل الدارسين من شتى أقطار العالم الإسلامي.

 وكان ينفق عليهم ويقدم لهم السكن والجراية من ريع أوقافه، وكانت الدراسة والإقامة بالمجان. أما بعهد الخلافة العثمانية أنشئ منصب شيخ الأزهر في أواخر القرن الحادي عشر الهجري الموافق السابع عشر للميلاد.

هذا جانب من تاريخ جامعاتنا الشاهدة على العصور، تحكي قصة عندما كنا نبني صروح العلم و أبراج الفهم و نوزع كنوز الثقافة ونسبح في بحور الدين الاسلامي بسفينة القرآن و شراع الحديث وربان الفقة.

Email