الإيمان والاقتصاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

عجيب أمر البشرية والحضارات وتاريخها، فالكل يبحث عن رب يعبده يلقي عليه همومه ويطلب منه العون. طلب مقابلتي شخص شرق آسياوي لا أعرفه، وكانت من أغرب الاجتماعات وبدأ بأحد أغرب المقدمات. قال: سوف يفصلوني من وظيفتي، وابنتي تحتاج علاجا بمبلغ كبير شهريا، وتحتاج مبلغا شهريا لتعيش به طوال الشهر، لكن هذه ليست المشكلة !!!!! ولا احتاج إلى مساعدة فيمكنني تدبير أموري!؟

فقال لكن السبب الذي جاء بي إليك إني لا اشعر باستقرار، وأشعر أنني محطم من الداخل، وأخذ يقول لا أعلم لماذا أنا منهار ولا استطيع الإنجاز أو العطاء. وطبعا أنت تتساءل الآن لماذا أنا طلبت مقابلتك؟! ثم قال السبب عندما كنت أراك بمجرد التحية والسلام فقط كنت أشعر بسعادة وراحة ففكرت بالحديث معك. (فقلت بخاطري السلام سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم).

فأجبته صحيح كل حاجـــياتك الاقتــصادية هي ليست المشكلة، فأنت لست الوحيد ولن تكون هذه أول أو آخر مشــكلة تمر بها، المشكلة ما نؤمن به. ففي رحلة البحث عن الله هناك من كان صادقا وطلب من الخالق أن يوصله إلى الحقيقة فوصل إلــى الله، وهناك من تشوش وضاع في طريق الوصول. لكن الحقيقة التي لا تغيب عن عاقل أنه لا توجد حضارة عبر تاريخ البشرية إلا وجــــدت لها معابد يعـــبدون فيها إله لانها فطرة وحاجة خلقنا الله عليها مثل حاجتنا الاقتـــصادية من المال والطعام واللباس وهذا كله للجسد ، ولكن هناك حـــاجة الأرواح التي تبحث عن غذائها، فكان صاحبنا مستغربا مــن الكلام لانه لا يؤمن بشيء.

فقلت له بمنظور اقتصادي إذا سلمنا عـــلى أن افتراضك صحيح بعدم وجود إله فأنت تعذب نفسك مرتين أولا في الدنيا بإنك كــما فعلت الآن تجعل كل اللوم والجهد على نفسك في كل أمور حياتك فتنهار، والثانية اذا ذهبت للعالم الآخر ووجدت إلها فماذا يا ترى يفـــعل بك، قال سوف يعذبني لأني لم آمن به وأخذ يبكي. قلت وإن كانـــت نظريتي صحيحة بوجود إله فسوف يكافئني مرتين أولا فأنا ألقي علـيه بكل همومي وآمالي وأتوكل عليه فأعيش سعيداً راضياً ولا أحمل نفــسي ما لا تطيق، والثانية عندما أغادر هذه الحياة وألقى الله هناك فأتمنى أن تشملني رحمته وأدخل جنته.

فأخذ يفكر قلت له على افتراضك غير الصحيح في رأيي إذا ذهب المؤمنون بإيمانهم فلم يجدوا إلها كما تظن ما يحدث، قال لا شيء فلا أحد يحاسبهم، قلت فإن وجدوا إلها، قال يحاسبهم فبكى. فقلت له يا أخي تكفي نعمة الايمان بما نجد من راحة النفس في الدنيا ولا يتعذبون مثل غيرهم أمام أعينهم، فقال صدقت وهذه مشكلتي.

Email