شمس الإمارات ساطعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرة أخرى تتألق الإمارات وتبز شقيقاتها العربيات، ومناسبة جديدة تثبت فيها أنها على طريق تنويع اقتصادها، وفتح المجال أمام شبابها للدخول إلى مجال واعد، وخطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح خطتها للتحول إلى الطاقات البديلة النظيفة والرحيمة بالبيئة، والتي حبانا الله منها بالكثير. سميت "شمس 1"، ويقيني أن الرقم سيتضاعف والشموس ستتكاثر.

كان حفل افتتاح محطة "شمس 1" مليئاً بالرمزية، وبرسالة أرادت القيادة السياسية إيصالها لجيل الشباب على وجه التحديد، إذ تفضل صاحب السمو رئيس الدولة بتقديم مرآة عاكسة لطفلين يمثلان الأجيال الواعدة، ليعكسا من خلال تلك المرآة إشعاع الشمس لطاقم المحطة إيذاناً ببدء العمل فيها. والرسالة واضحة المعالم، وهي أن الآباء يفكرون في مستقبل أبنائهم، ويحاولون إطالة أمد موارد الدولة الثمينة من النفط والغاز، ويفتحون مجالاً جديداً "يتمتع بآفاق واعدة"، كما وصفه سموه.

بافتتاح "شمس 1" يكون "حلم الاستفادة من الطاقة الشمسية في منطقتنا أصبح واقعاً، والإمارات تقود مسيرة الطاقة المتجددة بكل اقتدار، والإنجاز فخر للإمارات وللإماراتيين". هذا ما قاله نائب رئيس الدولة، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، على صفحته على تويتر مضيفاً أن "تنويع مصادر الطاقة هو مصدر للأمان والاستقرار والنمو الاقتصادي الثابت، والإمارات أصبحت اليوم محط أنظار العالم في هذا المجال".

حقاً لقد أصبحت الإمارات محط أنظار العالم في هذا المجال، بل في أكثر من مجال. والكرة الآن في ملعب الشباب الإماراتي الواعد، كي يغتنم هذه الفرصة وينخرط في هذا المجال الاقتصادي النامي، ويكون هو صاحب المهارة والخبرة في "سوق عمل المستقبل". والأرقام إلى الآن تبشر بخير ومشجعة ولله الحمد، فنسبة الموظفين المواطنين حالياً نحو 30%، والهدف هو رفع هذه النسبة إلى 40% خلال العامين المقبلين.

وبدأت الإمارات من حيث انتهت صناعة الطاقة الشمسية، فمحطة "شمس 1" هي، فضلاً عن كونها الأكبر في العالم في إنتاج الطاقة الكهربائية، إذ تقع على مساحة 2.5 كيلو متر مربع، أي تعادل 300 ملعب لكرة القدم، فإنها الأحدث في استخدام التقنيات الشمسية، والتي لها القدرة على تخزين الطاقة بعد غروب الشمس، بعد مدة أطول من التكنولوجيا الأخرى المسماة بالكهروضوئية. فهذه المحطة تستخدم 258 ألف مرآة، مثبتة على 768 مجمعاً من العاكسات.

أما إنتاجها من الكهرباء فيعادل 100 ميغاوات، وهي كمية تكفي لإمداد 20 ألف منزل في دولة الإمارات. ليس هذا فحسب، فتأثيرها الإيجابي على البيئة، ومن ثم على صحة السكان، ربما يوازي فوائدها الاقتصادية. فهي تحد من انبعاثات 175 ألف طن من الغازات سنوياً، وهو يعادل ما تمتصه حوالي 1.5 شجرة أو إبعاد 15 ألف سيارة عن الشوارع (والأرقام جميعها مأخوذة من البيان 18/3).

ومحطة "شمس 1" تقع في المنطقة الغربية لدولة الإمارات، التي هي مركز قطاع النفط والغاز في الدولة، ولها أهمية تاريخية وثقافية، إلى جانب أن المنطقة وكما تقول الخليج الإماراتية في نفس التاريخ تضم فضلاً عن حقول النفط، العديد من مشاريع الطاقة المتجددة والطاقة النووية السلمية التي يجري تطويرها حالياً، وهذا المشروع بلا شك سيدعم التنمية في تلك المنطقة وفي عموم الإمارات.

نتمنى أن تكون "شمس 1" مدرسة تدرب الكوادر الوطنية الإماراتية، والخليجية أيضاً، على صناعة حديثة، وأن تستفيد دول المنطقة من خبرات تلك المحطة، ويا حبذا لو تم فتح معرض بجانب المحطة ليزوره من شاء من السائحين والمهتمين، وأن تعمل رحلات لطلبة المدارس في المرحلة الثانوية للاطلاع على هذا الإنجاز العظيم، لخلق الرغبة لديهم للانخراط في هذا المجال الواعد، الذي لن يقتصر على هذا المشروع، بل ستأتي مشاريع أخرى مماثلة بحاجة إلى سواعدهم الفتية.

حقاً، لقد وضعت الإمارات قطار الطاقة المتجددة على السكة، لتنطلق من محطتها الأولى نحو الاستفادة القصوى من مواردها النظيفة الدائمة، فألف مبروك لها وللمزيد بإذن الله.

 

Email