البنوك الإسلامية بين الكنز والودائع

ت + ت - الحجم الطبيعي

استفسر القراء عن موضوع الودائع في البنوك الإسلامية وشبه الربا على الأرباح للمودع. قد أكون مصيباً أو مخطئاً لكن بنظري إن شبهات البنوك الإسلامية بسبب أنها قامت على معطيات اقتصاد غير إسلامي، فالبضائع والبيوع التي في الاقتصاد العالمي لم تتبع الشريعة لتأصيل منتجات الصيرفة.

أما الذي قامت به البنوك الإسلامية مشكورة خلال نصف العقد الماضي كانت عملية توفيق اقتصادية للأطراف المختلفة لتكون ضمن إطار إسلامي، وهنا عين القصيد فلماذا إلى اليوم تكون هناك أرباح عادة متوافقة الدخل تقريباً مع ما هو مواز له من غير الإسلامي من المعروض لدى المؤسسات المالية غير الإسلامية.

فمتى يكون هناك منتج إسلامي للبنوك الإسلامية من الجوهر إلى المظهر، وليس بالتوازي مع جذور نظيره الغربي. ما الذي يمنع البنوك أن تخرج من إطار الصيرفة الغربية إلى إطارها الإسلامي الواقعي من تجارة ومشاركة حقيقية وليس بمنظور تمويلي في جوهره. مثلاً هناك بعض المصارف قام بهذه الخطوة لأهداف استثمارية.

وهذا ليس بالعمق الذي نتمناه لكنه خطوة في الاتجاه الصحيح، مثلاً بعض البنوك لها معارض لبيع السيارات، وآخرون قاموا بشركات للمشاركة بالاستثمارات العقارية. أتمنى أنهم يخرجونا من إطار تحديد أرباح مدخولات السوق الغربية للمنتجات المقدمة وتكون الدخول بعائد حقيقي من أرباح وخسائر. فنحن لا ننافس بقدر ما نقوم بإنشاء بنية تحتية للاقتصاد الإسلامي الذي دمره الغرب بعد سقوط الخلافة الإسلامية ومسحته من الخارطة والذاكرة العالمية، وجعلتنا مثل البطاريات في منظومتها الاقتصادية الغربية الحديثة .

أما رداً عن موضوع شبه الودائع بالكنز بما يقع في ذمة مالك المال أو صاحب حساب التوفير التالي شبهها القراء بمقام الكنز جاء في «الموطأ» أنّ عبدالله بن عُمر سئل عن الكنز، أي المذموم المتوعّد عليه في آية {وَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ لذَّهَبَ وَلْفِضَّةَ} الآيةِ ما هو؟ فقال: هو المال الذي لا تؤدَّى منه الزكاة. وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال:

«من كان عنده مال لم يؤدّ زكاته مُثِّل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زَبيبَتَان يُطَوَّقه ثم يأخذ بلَهْزَمَتَيْهِ ـ يعني شِدْقيه ـ ثم يقول: أنا مالك أنا كَنزُك» فتأويله أن ذلك بعض ماله وبعض كنزه، أي فهو الكنز المذموم في الكتاب والسنّة وليس كلّ كنز مذموماً.

وشذّ أبو ذرّ فحمل الآية على عموم الكانزين في جميع أحوال الكنز، وعلى عموم الإنفاق، وحَمَل سبيل الله على وجوه البرّ، فقال بتحريم كَنز المال، فكان أبو ذرّ بالشام ينهى الناس عن الكنز ويقول: بشّر الكانزين بمكاو من نار تكْوَى بها جباههم وجُنوبهم وظهورهم.

Email