مدرسة محمد بن راشد

ت + ت - الحجم الطبيعي

كعادته وبدون مقدمات، يفاجئنا بطلته غير المتوقعة، في الوقت الذي لا نتوقعه والمكان الذي لا نتخيله. بعيداً كل البعد عن البروتوكولات والرسميات، يبهرنا بعفويته ومرونته.. يمتلك مفاتيح القلوب ليدخلها بدون استئذان.. يكسر الحواجز ويضعك في المواجهة معه مباشرة ودون مقدمات، من يمتلك الجرأة كان بها، ومن لا يزال يعيش صدمة المواجهة يبادره بالحديث ليزرع في وجهه ابتسامة تزيح عنه آثار الصدمة.

لم يثنه التنوع الاجتماعي عن تبني الأسس والمعايير التي اختارها لتحقيق أهدافه، بل جعل من ذلك التنوع بكل أطيافه، تحدياً وأبواباً يطرقها ليرسم بها قصة نجاحاته.. فالمشاركة في مدرسته والتفاعل معها، هي أساس النجاح لمن أراد العمل معه.. يصر على احتواء الجميع دون استثناء أو إقصاء، كمدخل لتحقيق تلك الأهداف..

حركته دائمة ودائبة.. نجده تارة بين المجتمع الرياضي ينافسهم ويقودهم لتحقيق النجاح، وتارة مع النخبة من المثقفين يخاطب عقولهم ويتفاعل معهم، ويتبنى أفكارهم ليرسو بها على بر الأمان في أرض الواقع بعيداً عن الغلو والتطرف، ونراه تارة أخرى مع الإعلاميين يعزز ثقتهم ويوجه أقلامهم ويحررها، لتنطلق في فضاءاتها الرحبة دون قيود، لتعكس الصورة المشرقة للوطن، ونجده تارة مع النساء بإيمانٍ راسخ بأنهن يشكلن نصف المجتمع وجزءا أساسيا في بنيته، فيمكنهن ويعزز دورهن في الحياة العامة وفي بناء الأسرة وصونها، ومع جيل الشباب يباريهم ويحصنهم ضد منزلقات وآفات الحياة العصرية، ومع رجال الأعمال يعزز من دورهم في بناء اقتصاد الدولة وتنمية المجتمع، ومشاركاً لهم في تحقيق قصص نجاحاتهم، ومع أعضاء حكومته من قيادات وموظفين، يمكنهم ويحفزهم ويطلق العنان لأفكارهم نحو تحقيق التميز والريادة.

يمتلك خطة واضحة الملامح، خطة تصعب ترجمتها على الورق، فهي محفورة في ذهنه المتّقد، تقوم على أسس ومبادئ واضحة، تؤكد على أن القبول بمنصب القيادة لا يعني اللهاث وراء المصالح الشخصية، بل يعني القبول بإنكار الذات وتسخيرها لخدمة الوطن ورفعته.. فالقيادة في مدرسته لا تمارس من على "كرسي عاجي" وثير، وإنما من الميدان.. استثمر في التنوع الاجتماعي ليقوده بنجاح نحو تحقيق هدف واحد، هو بناء ورفاهية الوطن والمواطن.

نجده كغيره من البشر يقضي إجازته مع أفراد عائلته، يقضيها وسط الجبال وبين ربوع الوديان، فتراه متجولاً بين الأحياء السكنية يلتقي بشريحة من تلك العائلة "مجتمع الإمارات"... المجتمع الذي ترجمه في قاموسه الإداري بمصطلح العائلة، يجالس النساء والأطفال وكبار السن ويتلمس احتياجاتهم..

 يكسر سكون تلك المناطق والأحياء ليعمم الضجيج في أجوائها، لا لإزعاجهم وإفقادهم سكينتهم، وإنما لتبديدها بهدير آليات ومعدات تشق طرقهم وتعبدها، وتبني مساكنهم وتوسع وتنوع من مشاريعهم الخدمية، فتنقلب تلك المناطق والأحياء إلى ورش عمل تتسارع فيها الخطى لإنجاز المشاريع، لينعم أهلها برغد العيش ورفاهية الحياة.. مسح من قاموسه وقاموس دولة الإمارات العربية المتحدة كلمة "مناطق نائية"، وحولها إلى مدن وقرى متكاملة الخدمات.

قلب كل موازين وأعراف القيادة، وأصبحت له مدرسته الخاصة التي ترك فصولها مفتوحة لينهل منها القريب والبعيد، وأبوابها مشرعة لكل من أراد أن يدرس ويتعلم أسس ومبادئ القيادة والإدارة الناجحة. لم نستطع إيجاد تفسير أو إسقاط لممارساته القيادية في مصطلحات علم الإدارة الحديث، فالقيادة في مدرسته فن ومتعة، والراحة تعادلها المشقة في قاموسه الإداري، والعائلة اتسع نطاقها لتشمل كل من يخضع لنطاق مسؤولياته وواجباته، فأصبح المجتمع هو حدود عائلته.

إنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وتلك هي مدرسته.. "مدرسة محمد بن راشد"، وهي دعوة مفتوحة لمن يمتلك فكراً واعياً وقلماً سديداً.. من يمتلك حساً وطنياً للإبحار فيها وتوثيق نجاحاته، لتكون رافداً عملياً وواقعياً لفن ومهارات القيادة، ونشرها رداً لجميل هذا الوطن وهذه القيادة.. وخدمة للأجيال القادمة.

 

Email