7x7

«البركة» في الاقتصاد الإسلامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هوية الاقتصاد تكون نتيجة تقديم بعض الركائز على الأخرى، فمثلاً نجد بعض أنماط الاقتصاد يقدم رأس المال وترجح كفته على حساب الركائز الأخرى، فيأخذ هويته ويسمى الاقتصاد الرأسمالي. نجد نمطاً آخر من الاقتصاد يقدم المجتمع بمفهوم أن الطاقة التي تملكها المجتمعات أكبر من طاقة الفرد وحده واجتماع ملكية رؤوس الأموال يجعل منه قوة جبارة.

فقدم المجتمع واطلق عليه الاقتصاد الاشتراكي. أما الاقتصاد الإسلامي المتكامل الوسطي فيوازن بين رأس المال وملكية المجتمع وملكية الفرد، وأضاف إليه الركيزة الرابعة ألا وهي البركة.

نقف في ثلاث محطات مع "البركة" أولها التعريف: جاء بكتاب المفردات في غريب القرآن؛ قال الراغب الأصفهاني البركة: ثبوت الخير الإلهي في الشيء، وقال ابن القيم: البركة حقيقتها الثبوت واللزوم والاستقرار، وبهذا يتضح أن البركة هي ثبوت الخير ودوامه، أو كثرة الخير وزيادته، أو هما معاً.

ثانيها القرآن والسنة: وقفت في القرآن الكريم على كلمة (مبارك ومباركاً) في ١٢ موضعاً، وهنا لطيفة أن أول موضع وجدته بالقرآن في آل عمران {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً}، فهو أول بيت وأول آية للبركة في القرآن، وجاءت كلمة (باركنا) في ٦ مواضع.

أما في الحديث والخبر؛ تروي لنا عائشة رضي الله عنها: "توفي رسول الله وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبدٍ إلا شطر شعير في رفٍّ لي، فأكلت منه حتى طال عليّ فكِلْتُه أي: وزنته -، ففني" متفق عليه.

وأيضاً حين شكى جابر بن عبدالله لرسول الله من تحمّله ديون والده الذي استشهد بغزوة أحد، وإلحاح الغرماء في طلب حقوقهم، فجاء صلى الله عليه وسلم إلى بستانه، ودعا له بالبركة في ثمره، فقضى جابر دين أبيه، وبقي زيادة، والحديث في البخاري. كما روى الطبراني وابن ماجة والدارمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم بارك لأمتي في بكورها"، وكان صخر رجلاً تاجراً فكان يبعث تجارته في أول النهار فأثرى وكثر ماله.

ختاماً بأهل العلم: جاء رجل يشتكي حاله للإمام أبو حنيفة فقال له كم هو أجرك فقال الرجل ٥ دراهم، فقال له اذهب وأطلب من صاحب العمل أن يجعل راتبك ٤ دراهم. فذهب ورجع بعد أيام وقال ما زاد حالي إلا شقاءً، فقال أبو حنيفة اطلب من صاحب العمل أن يجعل أجرك ٣ دراهم فقط. فذهب ثم عاد إليه بعد مدة مسروراً وقال يا إمام استقر حالي، فقال أبو حنيفة هذا ما كنت تبحث عنه البركة وليست الزيادة في الأجر، فعندما أخذت ٣ دراهم وهي ما تستحق على هذا العمل الذي تقوم به بورك لك في أجرك.

 

Email