هدية اسمها إدارة التوتر

ت + ت - الحجم الطبيعي

موسم العطلات في العالم الغربي، هو وقت التواصل الودي مع العائلة من أجل الاسترخاء وإعادة التنشيط والشعور بالسعادة والرضى واستعادة الحيوية. هذا مجرد مزاح، لكن في الواقع، الأمر عادة ما يكون على العكس من ذلك تماماً.

ولكن لماذا؟ ما هو الشيء المرتبط بالمناسبات الخاصة، سواء كانت أيام العطلات أو حفلات الزفاف أو أعياد الميلاد أو حتى حفلات العشاء، الذي يجعلها تملؤنا بمثل هذا التوتر؟ وبدلاً من استعادة نشاطنا، فإن موسم الأعياد يكون أكثر احتمالاً لأن يتركنا منهكين، أو "مستمرين في النشاط رغم الإنهاك"، كما تصفه الكاتبة الأميركية تينا فاي. تقول فاي: "هذه الصفة من تأليفي أنا"، حسبما ورد في كتابها "بوسيبانتس"، وتعني أن الشخص منهك تماماً، ولكن كل شيء يسير على ما يرام ويتفاعل مع حالة التوتر بفتور حيوان "الأبوسوم".

تعرض معظمنا لهذه الحالة، وشعر بذلك، وسوف يشعر الكثيرون بذلك مرة أخرى، بعد الاستعداد على وجه السرعة لعيد الشكر، الذي يمثل بشكل غير رسمي افتتاح "موسم التوتر"، والذي يستمر خلال رأس السنة الميلادية، عندما نتمكن من بدء الإحساس رسمياً بالذنب إزاء مخالفة القرارات التي سوف نتخذها، استجابة للانخراط المفرط الناجم عن التوتر في موسم العطلات.

وهذا هو السبب في أن هذه هي اللحظة المثالية للتأني والتفكير في سبب أن ما يجب أن يكون وقتاً للاحتفال والحفاوة والتلاقي، يصبح في كثير من الأحيان مصدراً للقلق الشديد. إنها أيضاً لحظة للتركيز على الخطوات التي يمكننا اتخاذها للتمتع حقاً بموسم العطلات، لأن توتر العطلة لا يأخذ منا الاستمتاع فحسب، وإنما الصحة أيضاً.

في مجلة "سيركيوليشن" التابعة لجمعية القلب الأميركية، صاغ الدكتور روبرت كلونر أمراض "القلب في رأس السنة" و"الأزمة القلبية في رأس السنة الجديدة"، ليصف الزيادة في مشكلات القلب خلال موسم العطلات.

إذن، كيف نغير الأشياء؟ كما هي الحال بالنسبة لمعظم الأشياء، يمكننا أن نبدأ بتغيير أنفسنا، من خلال معرفة كيف يمكننا التفاعل مع الجنون الموسمي. وإذا تغير عدد كافٍ من الناس، فإن الثقافة نفسها تتغير. "فإذا كنت ترغب في تغيير العالم"، حسبما سأل ألكسندر سولجينتسين، "بمن تبدأ، هل تبدأ بنفسك أم بالآخرين؟".

التوتر هو حقاً في عين المشاهد، وفي النفس والقلب والشرايين والجهاز المناعي. فلنغير الطريقة التي نتعامل بها ولسوف يتغير الوضع. ولكن كيف نفعل ذلك؟

بالطبع، لدى العطلات قدرة إنتاج التوتر من تلقاء نفسها. والأنشطة التي ينبغي لنا أن نستمتع بها ظاهريا، تصبح مصادر للتوتر. فالأشخاص الذين نحبهم يصبحون بنوداً ضمن لائحة واجباتنا، وبدلاً من الشعور بالترابط مع الأصدقاء والعائلة، فإنهم يمثلون التزامات تجعلنا نشعر بأننا أكثر بُعداً.

يمكن أن يكون الشعور بالامتنان أعظم ترياق للتوتر خلال العطلات، فما هو أفضل وقت لبدء ممارسته سوى خلال أيام عيد الشكر؟ قام الباحثان روبرت إيمونز من جامعة كاليفورنيا ديفيس، ومايكل مكلوغ من جامعة ميامي، بالكثير من الأبحاث في مجال الامتنان. ووجدا أن الأشخاص الذين يحتفظون بيوميات الامتنان وقوائم الشكر، يكونون أكثر حماساً وعزيمة وطاقة وتفاؤلاً، ويشعرون بتوتر أقل.

واحدة من نصائحي المفضلة لأي موسم، هي "الحصول على قسط كاف من النوم". وهناك حاجة للنوم الكافي خلال العطلات، لأن قلة النوم ستؤدي إلى تفاقم حالة التوتر عند كل مرحلة أثناء العطلة. ومن نصائحي في ما يتعلق بتقديم الهدايا، أن تجد شيئاً تحبه حقاً وتعطيه للجميع في القائمة الخاصة بك! إن ذلك لا يوفر الكثير من الوقت فحسب، وإنما هو وسيلة رائعة لتقاسم شيء تحبه، سواء كان ذلك الشيء كتاباً أو ساعة، كتلك التي أهديتها لجميع أصدقائي في العام الماضي، حتى يتمكنوا من الكف عن التذرع بأنهم بحاجة لهواتف "آي فون" بالقرب من مضاجعهم لإيقاظهم في الصباح.

من أكثر الأشخاص المعنيين الذين أعرفهم، جوان ويتكويسكي، وهي تقوم بتمرينات للجسم وتنسيقات التنفس، وتمارس عملاً بسيطاً لنفسها يمكننا أن نستخدمه جميعاً بشأن جنون التسوق أثناء العطلة، وهو: "الاثنين هو يوم المشاوير، لذلك أقوم بشراء ما في قائمة المهمات، وأعود بعد ذلك إلى المنزل في نهاية اليوم منهكة. والآن، أقدم لحظات من الانتعاش بين المشاوير، وأبحث عن مقهى أو مكان للجلوس، ولا ألتفت إلى هاتفي، ولكن أقوم بالتقاط أنفاسي واستعادة نشاطي. وبحلول نهاية اليوم، أكون قد قمت بكل شيء والكثير للغاية من الطاقة".

هناك العديد من الأدوات، ومفتاح ذلك هو تحديد أولويات بألا أسمح للتوتر بتحويل العطلات من وقت لتجديد النشاط إلى وقت للهيجان. يقول الفنان برايان أندريا: "كل شيء تغيّر في اليوم الذي اعتقدت فيه أنه كان هناك ما يكفي من الوقت للقيام بالأمور المهمة في حياتها". أحب هذه العبارة، لأنها تذكرني بأنه رغم أننا قد نعتقد أننا لا يمكن أن نصلح كل شيء ربما يتعين علينا القيام به في ما أتيح لنا من الوقت، فإننا يمكن أن نصلح كل شيء مهم.

لذلك، بينما نقترب من أكثر أوقات العام روعة وتوتراً، دعونا نتذكر أن نهدي أنفسنا أول هدية، وهي هدية اتقان إدارة التوتر، وألا نكون عبيداً له.

 

Email